[خطبة في عاشوراء]
  ومعاداة أعداء الله، فذلكم شرط في كمال الإيمان.
  ثم اعلموا أنكم في شهر عظيم عظم الله حرمته وافتتح به الشهور، وضاعف للعاملين فيه الأجور، وقد أطل علينا يوم كريم من أيام هذا الشهر العظيم، ألا إن ذلك يوم عاشوراء، وما أدراك ما يوم عاشوراء! إنه يوم نوَّه الله بفضله على لسان رسوله محمد ÷
  وقال علي #: (من قرأ قل هو الله أحد يوم عاشوراء ألف مرة نظر الرحمن إليه، ومن نظر الرحمن إليه لم يعذبه أبداً)(١).
  نعم، أيها المؤمنون لقد كانت العرب في الجاهلية والإسلام تعظم يوم عاشوراء، كانوا يعتبرونه أقدس أيام السنة وأكثرها خيراً وبركة، كانوا يطعمون فيه الفقراء، ويتفقدون أحوال المساكين والأرامل واليتامى، ويعملون فيه الكثير من أعمال البر، وكذلك اليهود والنصارى كانوا يعظمون يوم عاشوراء ويقدسونه ويصومونه؛ لأنهم كما يرون وكما جاء في بعض الروايات أنه اليوم الذي تاب الله فيه على أبيناء آدم #، واليوم الذي نجى الله فيه كليمه موسى # وقومه من الغرق وأغرق فيه فرعون وقومه في اليم، واليوم الذي استوت فيه سفينة نوح # على الجودي، وصارت فيه نار النمرود برداً وسلاماً على خليل الرحمن إبراهيم #، فلذلك كانوا يعظمونه.
  وشهر المحرم كله شهر عظيم كما يدلنا قول الرسول ÷ ما معناه: «أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة في جوف الليل، وأفضل الصوم بعد صوم شهر رمضان صوم شهر الله الذي تدعونه المحرم)(٢).
  فعلينا أن نعظم ما عظم الله ورسوله، وأن نستعد للأعمال الصالحة في هذا اليوم، ولقد سمعتم أيها المؤمنون ماذا كان مفهوم المحرم وعاشوراء عند
(١) رواه الإمام أحمد بن عيسى في أماليه.
(٢) رواه الإمام أبو طالب في أماليه عن جندب بن سفيان.