[خطبة في ذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي رضوان الله عليه]
  الكناسة الرهيبة والتي قامت بها الدولة الأموية نفسها، وذلك يوم جاء دور هشام بن عبدالملك بعد واحد وستين عاماً من مجزرة الطف.
  وتلك الفاجعة: هي مقتل إمام الأئمة وزعيم الأمة، فاتح باب الجهاد والاجتهاد، أمير المؤمنين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب À أجمعين.
  ولحلول تلك الذكرى المؤلمة فإنني أتقدم إلى محبيه وأتباعه وأشياعه الصادقين في أنحاء المعمورة بالتعازي الحارة ونقول لهم جميعاً: عظم الله أجوركم وأحسن عزاءكم.
  أيها المؤمنون، أعيروني مسامع قلوبكم لحظات لأقدم إليكم شيئاً يسيراً مما جاء في فضله وفضل شيعته الصادقين.
  يروى أن والده زين العابدين # كان لا يتكلم إذا صلى الفجر بغير ذكر الله حتى تطلع الشمس، فجاءوه يوم ولد زيد فبُشِّر به بعد صلاة الفجر فالتفت إلى أصحابه وقال: أي شيء ترون أن أسمي هذا المولود؟ فقال كل منهم: سمه كذا، فقال: يا غلام، عليَّ بالمصحف، فجاءوا بالمصحف فوضعه في حجره ففتحه فوجد قول الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ١٦٩}[آل عمران]، ثم فتحه فنظر إلى أول كلمة في أوراقه فإذا فيه: {فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ٩٥}[النساء]، ثم أطبقه وفتحه ثانياً، فنظر في أول ورقة: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ}[التوبة: ١١١]، فقال: «هو والله زيد» فسمي زيداً.
  وكانت ولادته سنة خمس وسبعين للهجرة.
  نشأ # على العلم والعبادة وعلى الفضل والزهادة، وكان يُعرف في المدينة بحليف القرآن، وقد روي عن رسول الله ÷ أنه قال: «يصلب رجل من أهل