درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

[خطبة في ذكرى الغدير]

صفحة 317 - الجزء 1

[خطبة في ذكرى الغدير]

  أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

  الحمد لله رب العالمين، الحمد لله المطلع على سرائر القلوب، العالم بما تُجنُّه الضمائر من خفيات الغيوب، نحمده حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، المتفرد بالكمال، المنزه عن صفات النقصان هو الله الواحد الأحد الديان، هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم.

  وأشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عبده ورسوله، سيد الأنبياء وإمام المرسلين، صلى الله وسلم عليه وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.

  أما بعد:

  فيا عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله والتأهب للقائه، وبالانزواء عن هذه الدنيا والتباعد عن أهلها، ألا ترون إلى أبنائها يصلون ويصومون ويتصدقون، ولكنهم لا يفعلون ما يؤمرون، فيا سوء ما يحكمون، يتوبون بالقول والأماني، ولكنهم يعملون بأهوائهم فما يغني عنهم أن تنقو جلودهم وتبقى قلوبهم دنسة، فكيف يدرك النعيم في الآخرة من لا تنقضي من الدنيا شهوته، ولا تنقطع منها رغبته، جعلوا الدنيا تحت ألسنتهم والعمل تحت أقدامهم، صلاح الدنيا أحب إليهم من صلاح الآخرة، فأي الخلق أخسر منهم لو كانوا يعلمون.

  عباد الله، فلا تلهينكم الدنيا وشهواتها، يقول الله ø: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ١١٥}⁣[المؤمنون].

  فأكثروا في هذا الشهر العظيم من أعمال البر والصالحات فإن العبد إذا قصر فسوف يندم على تقصيره حينما يرى الجزاء العظيم للعاملين فيقول: يا ليتني ازددت من الحسنات.

  واحذروا وتجنبوا السيئات فإن العبد المسيء يندم كذلك ويقول: يا ليتني حذرت مما حُذِّرت منه.