درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

[خطبة في ذكرى الغدير]

صفحة 319 - الجزء 1

  فقام من كل ناحية من القوم مجيب يقولون: نشهد أنك عبدالله ورسوله، قد بلغت رسالاته، وجاهدت في سبيله وصدعت بأمره، وعبدته حتى أتاك اليقين، جزاك الله عنا خير ما جزى نبيئاً عن أمته.

  فقال: «اللهم اشهد»، ثم قال: «ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن الجنة حق وأن النار حق، وتؤمنون بالكتاب كله؟». قالوا: بلى.

  فقال: «اللهم اشهد»، ثم قال: «أشهد الله أن قد صدقتكم وصدقتموني، ألا وإني فرطكم وأنتم تبعي، توشكون أن تردوا علي الحوض فأسألكم حين تلقوني عن ثقليَّ كيف خلفتموني فيهما؟

  قال زيد بن أرقم: فأعيل علينا ما ندري ما الثقلان، حتى قام رجل من المهاجرين فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما الثقلان؟

  فقال رسول الله ÷: «الأكبر منهما كتاب الله سبب طرف بيد الله وطرف بأيديكم فتمسكوا به ولا تولوا عنه فتضلوا، والأصغر منهما عترتي، من استقبل قبلتي وأجاب دعوتي، فلا تقتلوهم ولا تقهروهم ولا تقصروا عنهم، فإني قد سألت لهما اللطيف الخبير فأعطاني: ناصرهما ناصري، وخاذلهما خاذلي، وليهما لي وَلِيٌّ، وعدوهما لي عدو، ألا وإنها لم تهلك أمة قبلكم حتى تدين بأهوائها وتتظاهر على أهل نبوتها، وتقتل من قام بالقسط منها».

  ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب # فرفعها حتى بان بياض إبطيهما، وقال مخاطباً للناس: «ألست أولى بكم من أنفسكم لا أمر لكم معي؟ - قالوا: اللهم بلى -، قال: فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه»⁣(⁣١).


(١) حديث الغدير الشهير: ظهر ظهور الشمس واشتهر اشتهار الصلوات الخمس حتى قيل: إذا لم يكن حديث الغدير معلوماً فما في الدنيا معلوم، ولا يتسع المقام لذكر طرقه وأسانيده هنا فليرجع للوامع الأنوار والشافي وغيرهما.