درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

خطبة في فضل الصلاة

صفحة 32 - الجزء 1

  وبين الكفر ترك الصلاة»⁣(⁣١).

  واعلموا يا عباد الله، أن الخشوع في الصلاة شيء لازم، فمن صلى بخشوع كانت صلاته تامة، والخاشع فهو الذي يخضع قلبه لله ø وتسيطر عليه الرهبة والخوف والرجاء عند ملاحظته جلال الله وعظمته، وعلى المسلم أن يؤدب جوارحه عند تأديته للصلاة فلا التفات ولا حركة غير ما تفرضه أعمال الصلاة من ركوع وسجود وقيام؛ ولهذا قال رسول الله ÷ عندما رأى رجلاً يعبث في الصلاة: «لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه»⁣(⁣٢).

  ومن الخشوع تدبر آيات الله التي تتلى في الصلاة والاتعاظ بها يقول الله العظيم في كتابه الكريم: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ١ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ٢}⁣[المؤمنون]، وقال عز من قائل: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ٤٥}⁣[البقرة]، معناه: إن الصلاة ثقيلة على النفوس باستثناء الذين خشعت قلوبهم لله ø وحرصت على القرب منه.

  وقد روي عن علي # أنه قال: دخل رسول الله ÷ المسجد، فإذا هو بأنس بن مالك يصلي، فقال: «يا أنس، صلِّ صلاة مودِّع، ترى أنك لا تصلي بعدها أبداً، واضرب ببصرك موضع سجودك، حتى لا تعرف مَنْ عن يمينك


= سبيلا» في أمالي المرشد: «وصوم رمضان، وحج البيت» وقريباً منه أخرجه الإمام أبو طالب في أماليه بسنده عن ابن عمر أيضاً بلفظ: «بني الإسلام على خمس: توحيد اللّه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، والحج» فقال رجل: الحج وصيام رمضان؟ قال: لا، صيام شهر رمضان، والحج، هكذا سمعته من رسول اللّه ÷.

(١) رواه الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة في الديباج الوضي ورواه العنسي في كتابه الإرشاد إلى نجاة العباد بزيادة «فمن تركها فقد أشرك» ورواه الإمام أحمد بن عيسى في أماليه بلفظ «ما بين العبد وبين الكفر إلاَّ ترك الصلاة».

(٢) رواه الإمام الهادي # في كتاب الأحكام، ورواه الإمام أحمد بن عيسى في أماليه بلفظ «أما هذا فلو خشع» وكذا في المجموع الحديثي والفقهي للإمام زيد #.