درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

خطبة عيد الأضحى المبارك نفع الله بها آمين

صفحة 338 - الجزء 1

  عباد الله، إن يومكم هذا يوم عظيم عظم الله قدره وشرفه، وميزه من الأيام وعرفه، وأبان من بينها حرمته، يوم سماه الله في كتابه الكريم {يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ}⁣[التوبة ٣]، يوم شرع الله فيه نحر الأضاحي لأهل الإسلام في جميع الأقاليم، يوم ترمى الجمرة ويفك فيه الإحرام، يوم يطوف فيه الوافدون على البيت العتيق ويترددون بين الحطيم والمقام، يوم ابتلى الله فيه خليله إبراهيم بذبح ولده الكريم، وأمره أن يتولى ذلك بيده ثم فداه بذبح عظيم.

  جعل الله هذا اليوم عيداً لأهل الإسلام، وختم به الأيام المعلومات من أيام العشر، ومقدماً على الأيام المعدودات من أيام النفر، يوم حرام من أيام عظام من شهر حرام، عظَّمته الجاهلية وشرفه الإسلام، يوم دعا الله إلى مشهده ونزل القرآن بتعظيمه، فقال عز من قائل كريم: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ٢٧ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ٢٨}⁣[الحج].

  فتقربوا إلى الله بذبائحكم، وعظموا شعائر الله واجعلوها من أطيب ذخائركم، واستشعروا تقوى الله في ضمائركم، فإن الله تعالى يقول: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ٣٧}⁣[الحج].

  واجتهدوا في حسنها وسمنها، فإنه من يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه، فقد بلغنا عن رسول الله ÷ أنه قال لابنته فاطمة &: «اشهدي أضحيتك فإن لك بكل قطرة من دمها كفارة لكل ذنب أصبتيه»⁣(⁣١)، وإن الأضحية ثقل في الميزان ويكتب الله لصاحبها بكل شعرة من شعرها حسنة.


(١) رواه الإمام المرشد بالله في الأمالي الخميسية.