درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

خطبة في فضل الصلاة

صفحة 33 - الجزء 1

  ولا من عن يسارك، واعلم أنك بين يدي من يراك ولا تراه»⁣(⁣١). ونحن نعلم أنا لا نُنَقِّص من ركوعها ولا من سجودها فعلمنا أن النقص يكون بسبب عدم الخشوع لله ø وعدم تدبر آيات الله التي تتلى فيها.

  فعلى العبد أن يعرف أنه يناجي الله ø، فلا بد حينئذ أن يكون خاضعاً ذليلاً لا يغفل عنه لحظة.

  وعن رسول الله ÷ أنه قال: «إن العبد إذا توضأ فأبلغ في الوضوء، ثم قام إلى الصلاة، فأحسن القراءة فيها، وأتمَّ ركوعها وسجودها حتى ينصرف منها، قالت له الصلاة: حفظك الله كما حفظتني، وصعد بها الملك إلى الرب تبارك وتعالى ولها ضوء فتشفع لصاحبها، وإذا أساء وضوءها وركوعها وسجودها والقراءة فيها، قالت له الصلاة: ضيَّعك الله كما ضيعتني، وصعد بها الملك، وعليها ظلم تغلق دونها أبواب السماء، ثم تلف كما يلف الثوب الخلق، ويضرب بها وجهه»⁣(⁣٢).

  فالصلاة بما تحويه من مراقبة الله ø، وقيام وركوع وسجود له سبحانه، وما تشتمل عليه من معاني القربى له ø، تربط المصلي بخالقه، وتشعره بعلو مكانته فيرى من آثار ذلك ما يردعه عن إتيان القبائح، فيعلم أن الله هو المنعم عليه بالوجود وبالنعم الوافرة والهداية المثمرة، وشَرَّفه تعالى بالتقرب إليه بالصلاة، فكيف بعد أن يعرف هذا كله، كيف به يطاوع نفسه على المعصية؟ وقد عرَّفنا القرآن ذلك بقوله ø: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ٤٥}⁣[العنكبوت]، فالله تعالى أمرنا بإقامة الصلاة حيث يقول: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ} ولم يقل: صلوا؛ لأن الإقامة هي الإتيان بها كاملة بالتوجه إلى الله والخشوع وتمثل عظمة الله ورحمته. فإذا أدى المصلي


(١) رواه الإمام أبو طالب الهاروني في أماليه.

(٢) رواه الإمام أحمد بن عيسى في أماليه.