درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

فضل النصيحة وحسن المعاملة

صفحة 49 - الجزء 1

  يتجرعها عند ترددها في قلبه إما بصبر وإما بحلم».

  ويقول أمير المؤمنين علي عليه صلوات رب العالمين: «لِنْ لمن غالظك فإنه يوشك أن يلين لك».

  حقاً حقاً إن الله ø مدح نبيئه محمداً ÷، وبين له فضيلة لينه وعطفه وحنانه حين قال عز من قائل: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}⁣[آل عمران: ١٥٩].

  فكما أن الغلظة والخشونة في الكلام تفرق وتنفرهم عند حصولها من أحد، فإن اللين والعطف والرأفة تورث المودة بين المتباغضين، وتجمع شمل المتفرقين، إنك إذا كنت مع الناس غليظاً حركت نفوسهم عليك حتى ولو كانوا أصدقاء أو قرابة، وإن كنت ليناً معهم سقتهم نحوك وقرَّبتهم منك.

  إن الإنسان إذا كان لين الجانب يتحبب إلى الناس ويتقرب منهم فإنهم كذلك يحبونه ويتقربون منه؛ لأن اللين نوع من الإحسان، والنفوس مطبوعة على حب من أحسن إليها، وهذا عكس الغلظة والجفاء فإنه منفر عن المرء ومبعد له عن إخوانه وأصدقائه.

  فعليك باللين لمن غالظك في حديث أو نظرة أو غيرها، فإنه مع ذلك عن قريب يعود إليك ويقابلك بأفعالك خيراً ويجازيك بالإحسان إحساناً.

  أكرمنا الله وإياكم بلباس التقوى، ووفقنا جميعاً لطريق الهدى، ورحم الله امرأً نبَّه من عزمه قليلاً واجتهد في خلاص نفسه قبل أن يأخذه الله أخذاً وبيلاً، فالعمر قصير والحساب عسير والناقد بصير، والناس آن ذاك فريقان: فريق إلى الجنة وفريق إلى السعير.

  جعلنا الله وإياكم من أسعد الفريقين، وحشرنا وإياكم في زمرة خاتم النبيين وسيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين، آمين رب العالمين.

  أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا