درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

[في بر الوالدين]

صفحة 51 - الجزء 1

[في بر الوالدين]

   الحمد لله رب العالمين

  الحمد لله على ما قضى من أمر، وعلى ما خص من فضل، الحمد لله على ما عم من خير، وعلى ما جلل من عافية، حمداً يتم علينا به نعمه، ونستوجب به رضوانه، حمداً لا منتهى لحده و لا حساب لعدده، ولا انقطاع لأمده، حمداً يكون وصلة إلى طاعة الله وعفوه، وسبباً إلى رضوانه وذريعة إلى مغفرته، وطريقاً إلى جنته، وخفيراً من نقمته، وأمناً من غضبه، وظهيراً على طاعته، وحاجزاً عن معصيته، وعوناً على تأدية حقه.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين.

  عباد الله، نتواصى بتقوى الله والوقوف عند نهيه وأمره.

  أيها المؤمنون، إن حق الآباء على أولادهم من الحقوق المقدسة في الإسلام بل وفي جميع الشرائع السماوية السامية، وقد مضت الحياة من أولها وستبقى إلى أبدها تؤكد هذا الحق وتدعو إليه، وقد رفع الله ø حق الوالدين وأعلى شأنه، وجعله في مستوى عبادته، وقرنه بطاعته وعبادته في أكثر من موضع في القرآن الكريم، فقال ø في آية الحقوق العشرة التي كلفنا بها وأمرنا بتطبيقها: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ٣٦}⁣[النساء].

  ويقول في آية أخرى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ٢٣ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ٢٤}⁣[الإسراء].