في ذكر الموت وفي الحث على الاستقامة على النهج القويم والصراط المستقيم
في ذكر الموت وفي الحث على الاستقامة على النهج القويم والصراط المستقيم
  أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﷽
  الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي قدر الموت والفناء على جميع العالمين، الحمد لله الذي تفرد بالبقاء على الدوام وهو أحكم الحاكمين، الحمد لله القائل في كتابه المبين وهو أصدق القائلين: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ٥٧}[العنكبوت]، نحمده ونشكره على كل حال وفي كل حين، ونستغفره من جميع الذنوب ونتوب إليه وهو خير التوابين.
  ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خير الناصرين وأسرع الحاسبين، ونشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عبده ورسوله الصادق الوعد الأمين، خاتم الأنبياء وسيد المرسلين صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.
  أما بعد:
  فيا عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله وطاعته، فإن التقوى وصية الله في خلقه الأولين منهم والآخرين، يقول الله العظيم في كتابه الكريم: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ}[النساء: ١٣١].
  واعلموا أن من أعظم المواعظ الذي تُثَبِّتُ الناس على التقوى والطاعات هو ذكر الموت، الذي قد حكم الله به على جميع البرية، ولا مفر لأحد من تجرع كأس المنية، ولا طمع لأحد في البقاء للاختصاص بفضل أو مزية، فقد قال ربنا ø: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ٨٨}[القصص].
  ولو جعل الله الخلود لأحد من الأنام لكان ذلك لأنبيائه المطهرين ورسله الكرام، وكان أولاهم بذلك صفوة أصفيائه سيد الأنام محمد عليه وعلى آله الكرام أفضل الصلاة وأزكى السلام، ومع ذلك فقد نعاه رب العالمين بقوله: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ٣٠}[الزمر].