خطبة في محاسن الأخلاق نفع الله بها
  الخنا(١) ولا الكذب فلا حاجة لله في أن يدع طعامه وشرابه»(٢).
  وقال ÷: «ليس الصيام من الأكل والشرب، إنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابَّك أحد أو جهل عليك فقل: إني صائم»(٣).
  والقرآن الكريم يبين لنا منافع الصوم بقوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ١٨٣}[البقرة]؛ لأن الصيام أمنع لنفسه وأردع لها من مواقعة السوء.
  أما الحج فقد يعتبره الإنسان رحلة خالية عن المعاني الخلقية، ولكنه حاصل بالعكس فله فوائد ومنافع عظيمة، فالحج ترك الرفث والفسوق والجدال والباطل، وهو حامل لنا على فعل كل خير، وكذلك على تقوى الله ø وعلى التزود منها، قال الله العظيم في كتابه الكريم: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ ١٩٧}[البقرة].
  فهذا العرض لما ذكرنا من العبادات التي تعرف بأنها أركان الإسلام؛ ليستبين منه الروابط المتينة بين الدين والخلق، فهي عبادات مختلفة في ظاهرها ولكنها تلتقي عند الغاية التي وضعها الإسلام وبينها رسول الله ÷ حين يقول: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»(٤).
  فهذه العبادات المذكورة وغيرها من العبادات هي مدارج الكمال المنشود، وروافد التطهير الذي يصون الحياة ويرفع شأنها، ومن أجْلِ ما يرتبط بها أو ينتج
(١) (الْخَنَا) الْفُحْش فِي الْكَلَام. (المعجم الوسيط).
(٢) رواه الإمام المرشد بالله في الأمالي الخميسية عن أنس.
(٣) ذكره الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى في حياة القلوب.
(٤) رواه الحسين بن الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد بن علي في كتابه آداب العلماء والمتعلمين، وروى الإمام المرشد بالله في الأمالي الخميسية عن الإمام علي # «بعثت بمكارم الأخلاق ومحاسنها».