التحف شرح الزلف،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

الإمام يحيى بن عبدالله (ع)

صفحة 120 - الجزء 1

  وكيف لا أطلب بدمائهم، وأنام على ثأرهم والمقتول بالجوع والعطش والنكال، وضيق المحابس وثقل الأغلال، وترادف الأثقال، أبي عبدالله بن الحسن النفس الزكية، والهمّة السنية، والديانة المرضية، والخشية والبقية، شيخ الفواطم، وسيد أبناء هاشم طراً، وأرفع أهل عصره قدراً، وأكرم أهل بلاد الله فعلاً، ثم يتلوه إخوته وبنو أبيه، ثم إخوتي وبنو عمومتي، نجوم السماء، وأوتاد الدنيا، وزينة الأرض، وأمان الخلق، ومعدن الحكمة، وينبوع العلم، وكهف المظلوم، ومأوى الملهوف، ما منهم أحد إلا من لو أقسم على الله لبرّ قسمه، فما أنس من الأشياء فلا أنسى مصارعهم، وما حلّ بهم من سوء مقدرتكم، ولؤم ظفركم، وعظيم إقدامكم، وقسوة قلوبكم، إذ جاوزتم قِتلة من كفر بالله إفراطاً، وعذاب من عاند الله إسرافاً، ومثلةَ من جحد بالله عتواً.

  وكيف أنساه ما أذكره ليلاً إلا أقضَّ عليَّ مضجعي، وأقلقني عن موضعي، ولا نهاراً إلا أمرَّ علي عيشي، وقصر علي نفسي، حتى وددت أني أجد السبيل إلى الاستعانة بالسباع عليكم، فضلاً عن الناس، وآخذ منكم حق الله الذي وجب عليكم، وأنتصر من ظالمكم، وأشفي غليل صدرٍ قد كثرت بلابله، وأسكن قلباً جم وساوسه من المؤمنين، وأذهب غيض قلوبهم ولو يوماً واحداً، ثم يقضي الله فيَّ ما أحب.

  وإن أعش فمدرك ثأري داعياً إلى الله سبحانه على سبيل رشاد أنا ومن اتبعني، نسلك قصد من سلف من آبائي وإخوتي وإخواني القائمين بالقسط، الدعاة إلى الحق، فإن أمت فعلى سنن ما ماتوا غير راهب لمصرعهم، ولا راغب عن مذهبهم، فلي بهم أسوة حسنة، وقدوة هادية، فأول قدوتي منهم أمير المؤمنين رضوان الله عليه، إذ كان ما زال قائماً وقت القيام مع الإمكان حتماً، والنهوض بمجاهدة الجبارين فرضاً، فاعترض عليه من كان كالظلف من الخفّ، ونازعه