الإمام يحيى بن عبدالله (ع)
  من كان كالظلمة مع الشمس، فوجدوا لعمر الله من حزب الشيطان مثل من وجدت، فظاهرهم من أعداء الله مثل من ظاهرك، وهم لمكان الحق عارفون، ولمواضع الرشد عالمون.
  فباعوا عظيم أجر الآخرة بحقير عاجل الدنيا، ولذيذ الصدق بغليظ مرارة الإفك، ولو شاء أمير المؤمنين لهدأت له، وركنت إليه؛ بمحاباة الظالمين، واتخاذ المضلين، وموالاة المارقين.
  فقال رابعهم: أنّى يكون له الخلافة والنبوة حسداً وبغياً، فقديماً ما حسد النبيون وآل النبيين الذين اختصهم الله بمثل ما اختصنا، فأخذ عليهم تبارك وتعالى، فقال: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ٥٤}[النساء: ٥٤].
  فجمع الله لهم المكارم والفضائل، والكتاب والحكمة والنبوة، والملك العظيم، فلما أبوا إلا تمادياً في الغي، وإصراراً على الضلال، جاهدهم أمير المؤمنين حتى لقي الله شهيداً رضوان الله عليه.
  ثم تلاه الحسن؛ سليل رسول الله ÷ وشبيهه، وسيد شباب أهل الجنة، إذ كلّ أهلها سادة، فكيف بسيد السادة، فجاهد من كان أمير المؤمنين جاهده، حتى كان بالمدائن وثب عليه أخو أسد فوجاه في فخذه، فسقط لما به، وأيس الناس من إفاقته، فتبددوا شيعاً، وتفرقوا قطعاً.
  فلما قَصُرَت طاقتُه، وعجزت قوته، وخذله أعوانه، سالم هو وأخوه معذورين مظلومين موتورين، فاستثقل اللعين ابن اللعين حياتهما، واستطال مدتهما، فاحتال بالاغتيال لابن رسول الله ÷ حتى نال مراده، وظفر بقتله، فمضى مسموماً شهيداً، مظلوماً وقيذاً.
  وعبر شقيقه وأخوه وابن أمه وأبيه وشريكه في فضله، ونظيره في سؤدده، على