التحف شرح الزلف،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

الإمام يحيى بن عبدالله (ع)

صفحة 123 - الجزء 1

  ولا حديثاً، ولا ادعاه أحد لكم من الأمة إلا تَقَوُّلاً كاذباً، فها أنتم الآن تبغون دين الله عوجاً، وذرية رسول الله قتلاً واجتياحاً، فمتى ترجعون، وأنى تؤفكون، أو لم يكن لكم خاصة وللأمة عامة في محمد بن عبدالله فضل إذ لا فضل يعدل فضله في الناس، ولا زهد يشبه زهده في الناس، حتى ما يتراجع فيه اثنان، ولا يتراد فيه مؤمنان، ولقد أجمع عليه أهل الأمصار من أهل الفقه والعلم في كل البلاد لا يتخالجهم فيه الشك، ولا تقفهم عنه الظنون، فما ذكر عند خاصة ولا عامة إلا اعتقدوا محبته، وأوجبوا طاعته، وأقروا بفضله، وسارعوا إلى دعوته، إلا من كان من عتاة أهل الإلحاد، الذين غلبت عليهم الشقوة، وغمطوا النعمة، وتوقعوا النقمة من شيع أعداء الدين، وأفئدة المضلين، وجنود الضالين، وقادة الفاسقين، وأعوان الظالمين، وحزب الخائنين.

  وقد كان الدعاء إليه منهم ظاهراً، والطلب له قاهراً، بإعلان اسمه وكتاب إمامته على أعلامكم (محمد يا منصور) يُعْرَفُ ذلك ولا يُنْكَر، ويُسْمَعُ ولا يُجْهَلُ، حتى صرفتموها إليكم وهي تخطب عليه، وكفحتموها عنه وهي مقبلة إليه، حين حضرتم وغاب، وشهدتم إبرامها ونأى، رغبة ممن حضر، وعظيم جرأة ممن اعترض، حتى إذا حصلت لكم بدعوتنا، وهدأت عليكم بخطبتنا، وقرَّت لكم بسببنا، قالت لكم أجرامكم إلينا، وجنايتكم علينا: إنها لا توطأ لكم إلا بإبادة خضرائنا، ولا تطمئنّ لكم دون استئصالنا، فأغري بنا جدّك المتفرعن فقتلنا لاحقاً بأثره فينا عند المسلمين، لؤم مقدرة، وضراعة مملكة، حتى أخذه الله أخذ عزيز مقتدر، قبل بلوغ شفاء قلبه من فنائنا، وهيهات أن يدرك الناسُ ذلك، ولله فينا خبيَّة لا بد من إظهارها، وإرادة لا بد من بلوغها.

  فالويل لكم، فكم من عين طالما غمضت عن محارم الله، وسهرت متهجِّدة لله، وبكت في ظلم الليل خوفاً من الله، قد أسحها بالعبرات باكية، وسمرها بالمسامير المحماة، فألصقها بالجدران المرصوفة قائمة، وكم من غرة وجه طالما