الإمام يحيى بن عبدالله (ع)
  إلى قوله: فإن نقض ما جعل لك ولأصحابك من أمانهم هذا، أو خالفه إلى أمر تكرهه، أو أضمر لك في نفسه غير ما أظهر، أو أدخل عليك فيما ذكرت من أمانه لك ولأصحابك التماس الخديعة لك أو المكر بك، أو نوى غير ما جعل لك الوفاء به، فلا قبل الله منه صرفاً ولا عدلاً، وزبيدة ابنة جعفر بن أبي جعفر طالق منه ثلاثاً بتة.
  وأن كل مملوك له من عبد أو أمة وسرية وأمهات أولاد أحرار، وكل امرأة يتزوجها فيما يستقبل فهي طالق، وكل مملوك يملكه فيما يستقبل من ذكر أو أنثى فهم أحرار، وكل مال يملكه أو يستفيده فهو صدقة على الفقراء والمساكين، وإلا فعليه المشي إلى بيت الله الحرام حافياً راجلاً، وعليه المحرجات من الأيمان كلها، وأمير المؤمنين هارون بن محمد بن عبدالله خليع من إمرة المؤمنين والأمة من ولايته براء ولا طاعة له في أعناقهم، والله عليه بما أكد، وجعل على نفسه في هذا الأمان كفيل، وكفى بالله شهيداً.
  وأتى كتاب هارون وخطه بيده، فقال يحيى لجستان: هل بقي شك؟ قال: أرى أن تصالح ابن عمك، قال: قد فعلت.
  فلما انفصل يحيى # من ملك الديلم جستان تلقّاه الفضل بن يحيى وترجَّل له وقبل ركابه، وذلك بمرأى من جستان فندم جستان وحينئذ أخذ ينتف لحيته، ويحثو التراب على رأسه تلهفاً وتحسراً، وعلم أنه قد خُدِعَ وضُيِّعَ.
  إلى قوله: فوثب عليه بنو عمه، وقتلوه، وملَّكوا سواه من أهل بيت المملكة، وخسر الدنيا والآخرة.
  إلى قوله: فقدم يحيى بن عبدالله # مع الفضل بغداد، فلقيه الرشيد بكل ما أحب، وأمر له بمال كثير أربعمائة ألف دينار، وأجرى له رواتب سنية، وأنزله منزلاً سنياً بعد أن أقام في منزل يحيى بن خالد أياماً، وكان يتولى أمره بنفسه تعظيماً له.