الإمام أحمد بن عيسى بن زيد (ع)
  قال في دعوته - وقد ساق كلاماً طويلاً أوضح فيه الحجّة من كتاب الله وسنّة جدّه - أما بعد:
  فإني أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه ÷ وإلى العدل في الرعية، والقسم بالسوية، ورفع المظالم، والأخذ بيد المظلوم، وإحياء السنة، وإماتة البدعة، وإنفاذ حكم الكتاب على القريب والبعيد، وأذكركم الله في ملوك تجبروا، وفي الأمانات خفروا، وعهود الله وميثاقه نقضوا، وولد نبيه قتلوا، وأذكركم الله في أرامل اختفرت، ويتامى ضُيِّعت، وحدود عُطِّلت، وفي دماء بغير حق سفكت، فقد نبذوا الكتاب والإسلام، فلم يبق من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه.
  إلى قوله: فهذا عهد الله إليكم، وميثاقه عليكم، بالتعاون على البر والتقوى، ولا تعانوا على الإثم والعدوان، فرضاً من الله واجباً، وحكماً لازماً، فأين عن الله تذهبون؟ وأنى تؤفكون؟ وقد جابت الجبابرة في الآفاق شرقاً وغرباً، وأظهروا الفساد، وامتلأت الأرض ظلماً وجوراً، فليس للناس ملجأ، ولا لهم عند أعدائهم حسن رجا، فعسى أن تكونوا معاشر إخواننا من البربر اليد الحاصدة للجور والظلم، وأنصار الكتاب والسنة، القائمين بحق المظلومين من ذرية خاتم النبيين، فكونوا عند الله بمنزلة من جاهد مع المرسلين، ونصر الله مع النبيين، حتى قال: وأنا المظلوم الملهوف، الطريد الشريد، الخائف الموتور، الذي كثر واتروه(١)، وقلَّ ناصروه، وقتل إخوته وأبوه، وجده وأهلوه، فأجيبوا داعي الله، فقد دعاكم إلى الله، فإن الله ø يقول: {وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ٣٢}[الأحقاف: ٣٢]، أعاذنا الله وإياكم من الضلال، وهدانا وإياكم إلى سبيل الرشاد.
(١) الموتور: المنقوص، المتروك فرداً.