التحف شرح الزلف،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

مؤلفاته:

صفحة 178 - الجزء 1

  رؤوس أهل الزيغ والتحريف، وقد كان ابتداؤهم في التأليف من عصر الوصي #، فقد كانوا يكتبون ما يمليه عليهم من العلوم الربانية، والحكم البالغة، التي خصّ الله بها أهل هذا البيت الشريف، ومؤلفاتهم بين ظهراني الأمة قد ملؤوها بحجج العقول، وأكّدوها بصحاح المنقول.

  أما التوحيدُ والعدلُ، فإمامهم فيه والدُهم الوصي، الذي خطب به، وبلَّغ الخلق على رؤوس المنابر، ولقّنه أولاده الوارثين له كابراً عن كابر.

  وأما سنة جدهم فمن باب المدينة دخلوا، وصاحب البيت أدرى بالذي فيه، ولقد حفظ بعضهم⁣(⁣١) عن باقر علم الأنبياء محمد بن علي سبعين ألف حديث.

  وأما علوم اللغة فمنها ارتضعوا، وفيها دبّوا ودرجوا، ومن زلالها كرعوا، يتلقونها أباً عن أب، لم تدنسها أَلْسِنَةُ العجم، ولا غيَّرتها تحاريف المولَّدين، بل تربوا في حجور آبائهم الطاهرين، ليس لهم همّ إلا تعريفهم ما أنزل الله من الفرائض، وتبيين ما ضلّ عن الخلق من الغوامض، لم يكن بينهم وبين أبيهم أمير المؤمنين وأخي سيد المرسلين - مَنْ كلامه فوق كلام المخلوق، ودون كلام الخالق، من احتذت على آثاره فصحاء الأمة، واقتبست من أنواره بلغاء الأئمة - إلا إمامٌ سابق، ومقتصد لاحق، وهم العرب الصميم، وأرباب زمزم والأباطح والحطيم، فلولا أن ما نقلته النقلة من أهل اللغة موافق لكلام الله وكلام رسوله وأهل بيته لما قبلناه منهم، ولما أخذناه عنهم، فهو معروض على هذه الأصول الحكيمة، والقواعد الراسخة القويمة، ومن له عناية في اقتفاء آثار أهل بيت نبيه، أمكنه أن يأخذ من كلامهم متون اللغة وإعرابها وتصريفها، ومعانيها وبيانها وبديعها وتأليفها، وحقائق التأويل، وطرائق التنزيل، فلم يأتمنهم الله على دينه، إلا وهم أهل لحمله وتلقينه، {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}⁣[الأنعام: ١٢٤].


(١) هو جابر بن يزيد الجعفي المتوفى سنة (١٢٨ هـ).