التحف شرح الزلف،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (ع)

صفحة 193 - الجزء 1

  ومنها:

  على شفا جرفٍ هارٍ مواقفهم ... لا يستطيعون من إشعاعها هرباً

  حتى تداركهم منها فأنقذهم ... ربٌّ بجدِّك منها أنقذ العربا

  فألَّف الله بالإحسان بينهما⁣(⁣١) ... بيمنكم فأماط الحرب واصطحبا

  تلك الصنائعُ عند العالمين لكم ... لا يعدلون بها الأوراق والذهبا

  فأنتمُ رحمة فينا لأوَّلنا ... وآخرينا وهذا الشكر قد وجبا

  انتهت، ولله درّه ما أعذبَ ألفاظها، وأطيب نَشْرَها، وأصدق معناه، «إنّ من البيان لسحراً، وإن من الشعر حكماً»، أخرجه بهذا اللفظ أحمد في مسنده، وأبوداود عن ابن عباس، كما في الجامع الصغير.

  وأخرج أبو داود من حديث بريدة: «إنّ من البيان سحراً، وإن من العلم جهلاً، وإن من الشعر حكماً، وإنّ من القول عياً».

  ولم يزل الإمام الناصر قائماً بأمر الله، مثابراً⁣(⁣٢) لأعداء الله، وأظهره الله على أقطار اليمن كافة فصدعت فيه أحكام الملة الحنيفية، وامتدت عليه أعلام السلالة المحمدية، واستأصل أرباب الدعوة الملحدة من القرامطة الباطنية، وقد كانوا تحزَّبوا تحزّباً، وارتجت منهم الأرض، فأخذتهم سيوف الإمام الناصر، قُتل في وقعة واحدة ثمانية وأربعون رئيساً من دعاتهم، وأما العساكر والأتباع، فلم تنحصر القتلى منهم حتى جرت الدماء جري الأنهار.


(١) أي القبيلتين المتحاربتين، فألّف الله بينهما بالإمام الهادي إلى الحق وبأولاده (ع) كما ألّف بين الأوس والخزرج بالرسول ÷، وقد أشار إلى ذلك بقوله: لأوّلنا وآخرينا. تمت من المؤلف (ع).

(٢) المثابرة: المنابذة.