الإمام أبو الفتح الديلمي (ع)
  أضحى على خلاّقها متعظِّماً ... جهلاً فألصَقَ خدَّه بصعيدها
  وقد أشار بهذا البيت إلى ما جرى من أنه لما بَرَزَ من قصره في سفره هذا صعد شاعِرُه على موضع مرتفع، فقال:
  إنَّ علياً والإلهَ اقْتَسما ... فاسْتَوَيا القِسْمةَ ثم اسْتَهَما
  فلعلي الأرض والله السَّماء
  ذكر هذا في مطلع البدور، وذكر في تاريخ عمارة أنه توجَّه بأَلْفَي فارس منهم مائة وستون من آل الصليحي، والملوك والسلاطين الذين أزال سلطانهم، وكانوا كما يقول الهمداني خمسين ملكاً وسلطاناً، وبين يديه خمسمائة فرس مطهَّمة بالسروج المحلّى بالذهب والفضة، وخمسون هجيناً، وغير ذلك من الزينة والآلات مما لا يدخل تحت الحصر.
  هذا، ولم يكن الخلاف بينهم إلا أن أئمة العترة $ دعوا إلى التوحيد والعدل، وإقامة الكتاب والسنة، وإصلاح العباد والبلاد، والمعارضون لهم دعوا إلى الإلحاد، وإفساد البلاد والعباد، ولم يكن المجاهدون مع أهل البيت إلا ذووا الإيمان من أهل اليمن خاصة، أنصار الرسول ووصيّه أمير المؤمنين عليهم الصلاة والسلام، لم يستنصروا عليهم بغيرهم، ولم يُدْخِلُوا إلى اليمن أيّ دخيل، بل لا يقوم الإمام منهم إلا بعد أن يُجْمِعَ عليه أهل الحل والعقد منهم، ويلزموه الحجة، فيقوم لإنقاذ الأمة، لا يستأثر عليهم بمثقال الذرة، فيخرج من الخلافة كما دخلها، ويتركهم يختارون لأمرهم ودينهم من يرتضون، هكذا سيرتهم النبوية، وطريقتهم العلوية، إلى زمن يسير من أيام المتأخرين، فَسَدَ فيه الراعي والرعيّة، وهي لا تلبث أن تتغيَّر بمَنِّ الله تعالى، فالإيمان يمان كما قال الرسول الأعظم ÷، وقد أعْرَضْنا عن ذكر من وقعت منهم بعض المخالفة، فالكتاب مخصوص بأئمة الهدى، ليس كسائر كتب السِّيَر كما أشرنا إلى ذلك سابقاً.