التحف شرح الزلف،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

الإمام أبو طالب الأخير (ع)

صفحة 226 - الجزء 1

  مَهِيداً⁣(⁣١)، أَلْحَقَ به حُكْمَ الفَرْع، وقَضَى حقّ دلالة الشَّرْع، وحَقَّقَ فيه تَعْليلاً، وعلى العِلَّة دليلاً، ثم عَوّل عليه تَعْوِيلاً، فلا بُدَّ في كلِّ حادثة من حُجَّة، وإنْ كانت رُبَّما ولجت غُمُوضاً في لُجَّة.

  إلى أن قال: وأَمَرَهُ بِرَفْعِ الحِجَاب، وقَمْعِ الهوى والإعْجَاب، والتثبُّت في الجواب، وتَبَيُّنِ الخطأ من الصَّواب، بعد أنْ قَال: ويَمِيْلُ مع الحقّ حيث مَالَ، ولا يدع التعْدِيل والاعْتِدَال، والظّلمُ مَطْعَمُهُ وَخِيْمٌ، ومَرْتَعُهُ ذَمِيْمٌ:

  وكلُّ كسوفٍ في الدَّرَارِي شَنْعَةٌ ... ولكنَّه في الشمس والبدرِ أَشْنَعُ

  وأَمَرَهُ أن يُقَرّر حُكُوْمَات مَنْ كان قَبْلَهُ من قُضَاةِ المسْلِمِيْنَ، وأنْ لا يَتَعَرَّضَ لشيء منها بالتغيير والفَسْخِ، والتّبْدِيْل والنّسْخ، ما لم يخالف نَصّاً من الكتاب والسنة مَقْطُوعاً، أو إجماعاً قد خالفوه مُفَرَّقاً أو مجْمُوعاً، فالاجتهادُ لا يُنْقَضُ بالإجتهاد، والظنُّ لا يعترض على الظن الواقع بالإشهاد {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ٣٨ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ ٣٩}⁣[المدثر]، ولْيَخَف اللهَ جَلّ ثناؤُه في العُدُوْلِ عن العَدْل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ٩٠}⁣[النحل]، ولْيَسْتَعِنْ بالله يُعِنْهُ، وليسْتَرْعِه يَرْعَهُ ويؤمِّنْه، وليتوكّل على الله يَزِدْه، ولْيَسْتَرْشِدْه يُرْشِدْه {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ٣}⁣[الطلاق].

  وَسَبِيْلُ رَعَايانا أنْ يُجيبوا أَمْرَهُ ولا يَعْصُوْهُ، ويَعْضُدُوْهُ ويَنْصُرُوه.

  أيها الناس، مَنْ أَطَاعَهُ فقد أَطَاعَنا، ومَنْ أَطَاعَنَا فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ ورَسُوْلَه، ومَنْ عَصَاهُ فَقَدْ عَصَانَا، ومَنْ عَصَانا فَقَدْ عَصَى اللهَ ورسولَه، {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا


(١) أي: ممهداً.