الإمام علي بن صلاح (ع)
  وفاته: سنة أربعين وثمانمائة، قبل وفاة الإمام المهدي بدون شهر، قال في التحفة العنبرية: وخلَفَه الإمام الناصر لدين الله محمد بن الإمام علي بن صلاح، وقام بالإمامة أربعين يوماً ومات #، وكان عمّه الحسن قد مات؛ وانقطع بموته بيت الإمام المهدي لدين الله علي بن محمد، فسبحان من تفرّد بالبقاء والدوام، انتهى.
  ولما خرجَ الإمامُ المهديّ من الحبس خَطَبَ حال قدومه على الإمام الهادي، فأجاب الإمام الهادي علي بن المؤيد بخطبة بليغة مستهلُّها: الحمدُ لله الذي اقْتَضَتْ حِكْمَتُه التّخْلِيَةَ بين عِبَاده، واقتضى تدبيرُه إطلاقَهُم في أَرْضِهِ وبلاده، وأوجبَ عَدْلُه تأخيرَ جزائهم لِيَوْمِ مَعَادِه.
  إلى أن قال هذه الأبيات الفائقة المُشْتَمِلة على التّشْبِيه البليغ الممْنوع ذكر أداته فيه، وعلى الاستعارات القَويمَةِ، وإيثار الإسناد في الوَصْفِ بالجُمْلَةِ المضارعيّة، وعلى الالْتِفَاتِ اللطِيْفِ، وعلى المبالغة المَقْبُوْلَةِ، وعلى الإدْمَاجِ للحامِلِ له على القيام بالإمَامَةِ، وعلى بعض أنواع التَّجْرِيْدِ، وعلى الإيْضَاحِ بَعْدَ الإبْهَامِ؛ وغيرِ ذلك، فقد أَوْدَعَ الإمامُ فيها غُرَرَاً وحجُولاً وهي:
  تبلّج حَبْسٌ بعد أنْ كان موصداً ... به قمرٌ تزهو به الشمسُ والقمرْ
  وما افترّ عنه الحَبْسُ حتى تصدَّعتْ ... لهيبته أركانُه التربُ والحجَرْ
  وما جئتَ حتى أَيِسَ الناسُ أن تَجِي ... وسُمِّيْتَ منظوراً وجئت على قدرْ
  فللّه من آتٍ به الأرض أخصبت ... ولله من آتٍ سُقِيْنا به المطرْ
  إلى آخرها.
  والبيت الثالث مشهور، فلم ينبِّه الإمام على التمثّل به.
  والخانع: المريب الفاجر، وقصدنا به الملاحدة والمجبرة، وفي قيام الثلاثة المذكورين قال صاحب البسامة: