مقدمة الطبعة الثانية
  وغير ذلك مما يعرفه ذووا الهمم العَلِيَّة، ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكنّ أكثر الناس لا يشكرون، وقد تحصَّلت بحمد الله سبحانه في هذه النسخة المعدَّة للطبع زياداتٌ مفيدة، وإلحاق الملحق المنفصل في الأصل كل شيء في محلّه، وتصحيح الأخطاء التي كانت في الأصل وهي يسيرة، أكثرها مطبعية، وتقديم وتأخير لمناسبة حسنة، وتنقيحات لبعض العبارات مستحسنة، فهذه الطبعة هي المرجوع إليها عند الإختلاف بعد العرض والتصحيح على هذه النسخة التي سيطبع عليها إن شاء الله تعالى، وعلى الأولى المصحَّحة، وعسى أن تكون هذه الطبعة كالأولى محروسة عن الخطأ في الإعراب والأنساب، والحمد لله المنعم الوهاب، وإليه سبحانه المرجع والمآب، والمرجو منه تعالى أن ينفع به مَنْ وقف عليه من أولي الألباب، وأن يجعله من الأعمال المقبولة، والآثار المكتوبة، وأن يجزل لنا ولمن يشارك في نشره المثوبة إنه قريب مجيب، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، وأقول في خلاصة تاريخ الحياة: {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}:
  قد مَضَتْ وانقضَتْ ثمانونَ عاماً ... وأنافَتْ حَوْلاً كطَرْفَةِ عينِ
  لم أحقِّقْ ما كنتُ أَرْجوهُ فيها ... مِنْ جهادٍ ونَشْرِ عِلْمٍ ودينِ
  ربّ فاغفرْ وارْحَمْ وأيِّدْ وسَدِّدْ ... واعْفُ والْطُفْ ربَّاه في الدارَيْنِ
  ولا أقول كما قال:
  إنَّ الثمانينَ وبُلِّغْتَها ... قدْ أحْوَجَتْ سمْعِي إلى تُرْجُمان
  بل أقول تحدّثاً بنعمة الله سبحانه وعظيم لطفه وامتنانه:
  إنّ الثمانينَ بفضلِ الإلهِ ... ما أحوجتْ سمعِي إلى تُرْجُمانِ
  لكنها قد أوهنت من قواي ... وأبْدَلَتْنِي بالنشاطِ التَّوانِ
  ولم تَدَعْ فيَّ لمستمتعٍ ... سِوَى لِساني وكذاكَ الجَنَانِ
  أدْعُو بهِ الله وأرْجُوهُ أنْ ... يزْلفني في غُرفاتِ الجِنان