بحث في الزيارة والتوسل:
  وأتوجّه إليك بمحمدٍ نبيّ الرحمة، يا محمدُ أتوجّهُ بكَ إلى ربي في حاجتي هذه لتُقْضَى لي، اللهمّ فَشَفّعْه فيّ» أخرجه الحاكم، وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم، والترمذي وقال: حسن صحيح، والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة في صحيحه وصحّحه، والطبراني من حديث عثمان بن حنيف ¥، لا يقال: إن الأعمى طلب من الرسول ÷ الدعاء لأنه يقال: لم نستدل بقول الأعمى وإنما استدللنا بقوله ÷ فإنه علّمه التوسّل الصريح.
  وقولهم: إن المراد بدعائه؛ تحريف وتبديل، وفيه نداء الغائب ولا فرق في ذلك بينَه وبين الميّت، ومثل ذلك التوسّل الصريح بالعباس ¥ إنما هو لقربه من رسول الله ÷، ولو كان المراد بدعائه لكان دعاء غيره ممن هو أفضل منه بالإجماع أولى، وهذا معلوم ولكن الهوى يعمي ويصم.
  وأخبار الرقية بالقرآن، حتى ضرب الرسول ÷ له سهماً معهم، وأحاديث الاستشفاء بالقرآن؛ وغير ذلك كثير يضيق عنها المقام، وشفاعته ÷ مَعْلُوْمَةٌ، وهي من هذا الباب ولو كانت شِرْكَاً لكانت قبيحة قطعاً من حي وميت {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ١٣}[لقمان: ١٣].
  ومن البدع عدم الفرق بين تعظيم من أَمَرَ اللهُ بتعظيمه وشَرَعَ التوسّل به وبين من نهى عن تعظيمه والتوسّل به، وجعل تعظيم الرسول الأمين وتعظيم المشركين لتلك الأصنام والشياطين من بابٍ واحد، وطَرِيْقَةٍ واحدة {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ ٢٠ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ٢١ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ٢٢ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ٢٣}[الأنفال: ٢٠ - ٢٣].
  أفلا ترى أنَّ الله أمرَ بتعظيم بيته العتيق، وتعبَّد عباده بالطيافة حوله، والتقبيل