التحف شرح الزلف،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

الإمام محمد بن القاسم الحسيني الحوثي (ع)

صفحة 363 - الجزء 1

  فيها يحصلُ الفَرَحُ والسُّرور، قد كَشَفَتْ عنّا غَيَاهِبَ الظُّلَم، ورَفَعَت الهمم، ولقد اشْتَمَلَتْ على معانٍ تصدَّع نُوْرُها مُسْتَنِيْراً، وظَهَرَ شعاعُها مُسْتَطِيْراً، حتى صارت مُشْرِقَةَ الجوّ، مُغْدِقَةَ النوّ، مُوْنِقَةَ الضو، تضعف الخَوَاطِرُ عن إدْرَاكِ معانيها، وتَصْغُرُ القَرَائِحُ عن اقْتِرَاحِ ما يُسَاويها، قد عَمّ نُوْرُها عند وصولها الآفاق، وسَمَتْ وارْتَفَعَتْ على طَوِيْلاتِ الأَعْناق.

  إلى أن قال في وصفها: الرَّوْضَةُ الجامعة لكلّ بلاغَة أَنِيْقة، والمحتوية على كلّ معنى حسن وفصاحة غَدِيْقَة، سَقَتْ سماءُ المعاني رِيَاضَ أَلْفَاظِها، فنَبَتَتْ بأحكامٍ ومعانٍ زكى نباتُها، وأَيْنَعَتْ ثمارُها، فهزّتها لَوَاقِحُ الأفكار والأنظار، فتَسَاقَطَتْ ثمارُها، فلا يبرح الناظر مُسْتَخْرِِجاً للدُّرَرِ الحِسَان، إلى أن يَنْتَهي إلى ما لا يخطر على الأسماعِ والأذْهان.

  حتى قال: فعَادَ الظَّلام منها ضِياءً ونوراً، وابْتَهَجَ القلبُ بها فَرَحَاً وسُرُوراً، كيف لا تَكُونُ كذلكَ ومُنْشِيْها ومُرَصِّعُ دُرَرِ ألْفَاظِها ومُوَشّيها، مَنْ خَاضَ في بحارِ العلوم، فاسْتَخْرَجَ الدَّقَائق، وَوَقَفَ على خَفِيّات الحقائق، مولانا أمير المؤمنين وسيّدُ المسلمين، المهدي لدين الله ربّ العالمين أيَّد الله الدين ببقائه، وضَاعف به الرحمة على أوليائه، وأَعْظَمَ به النِّقْمَةَ على أعدائِه، وأحيا به الميت من الإسلام، وأشاد به ما اندرس من الأحكام، وكان له خير ناصر ومعين، وحفظه بما حفظ به الذكر المبين، ثم قال:

  هذي الرياضُ التّي قد رَاقَت البَصَرا ... فَسَرّح الطّرْفَ فيها تَبْلُغ الوَطَرا

  كانَتْ مَسَائِلُنا لَيلاً فَلاحَ لها ... نورٌ يضيءُ كَضَوْءِ الشّمْسِ إذْ ظَهَرا

  كَانَتْ مَسَائِلُنا بكراً مختّمَةً ... ففضّها مَنْ لِبَيْتِ المجْدِ قَدْ عَمَرا

  قَدْ أطْفَأتْ نارَ كَرْبي إذْ رَأَيْتُ بها ... سُؤْلي وشاهدتُ ما للعَقْلِ قَدْ بَهَرا

  الأبيات.