التحف شرح الزلف،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

الإمام أحمد حميد الدين (ع)

صفحة 385 - الجزء 1

  ولنقتصر على هذا القدر في أحوال إمام العصر لعدم الوقوف على التفصيل في كثير مما ينبغي رَسْمُهُ، وإن مكَّن الله من ذلك وقع تحريره إن شاء الله على التحقيق بهذا المحلّ، اللهمّ احْمِ به الدّين، وأَقِمْ به شريعةَ سيِّد المرسلين، آمين رب العالمين.

  استشهد الإمام المتوكل على الله يحيى شهر ربيع الثاني سنة سبع وستين وثلاثمائة وألف، وقد جاوزَ الثمانين، أحسن الله تعالى عن الإسلام والمسلمين جزاءه.

  وفي ذلك اليوم استشهد نَجْلاهُ الطَّاهرانِ العالمان الحسين والمحسن، وحَفِيْدٌ له طِفْلٌ في حجره، ووزيره القاضي عبدالله العمري، والأمر في شأنه كما قال:

  سَلْ عنه أخبر به انظرْ إليه تجدْ ... مِلْأَ المسامعِ والأفواهِ والبَصَر

الإمام أحمد حميد الدين (ع)

  ودعا بعده الإمام الناصر أحمد، وحالفه النَّصْرُ والظَّفَر، وكان لَيْثاً هصوراً، وبطلاً غيوراً، ومقداماً جسوراً، وعالماً بارعاً، وخطيباً مُصْقِعاً، تَرْتَجِفُ القلوب لهيبته، وترتعد الأبطال لِصَوْلَتِهِ، ولم يزل لسيفه شاهراً، ولأعدائِه قاهراً حتى توفي في شهر ربيع الثاني سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة وألف، ولا يسع المقام الخوض فيما جرى في أرض اليمن من عظائم الفتن، وفوادح المحن، كما قال السيد صارم الدين بعد البيت السابق - وذا زمانك ... إلخ -:

  وقد جَرَتْ فِتَنٌ فيه مروِّعَةٌ ... قَضَتْ على أَنْفَسِ الأرواحِ والذّخرِ

  وأقول:

  فالله يَحْمِي حِمَى الإسْلامِ نَسْأَلُهُ ... لُطْفاً وَكَفَّاً لأَيْدِيْ البَغْي والبَطَر

  هذا، وتوفي محمد بن الإمام يحيى غَرَقاً ببحر الحديدة، حالَ محاولته لإنقاذ صاحبٍ له سنة خمسين وثلاثمائة وألف، وكانت له همَّة عالية في الإصلاح وإحياء العلم، وله آثار حسنة، منها: طَبْعُ الرَّوْض النَّضِير وغيره، أحسن الله تعالى مكافأته،