التحف شرح الزلف،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[(تنبيه): بعض أهل العربية يحكمون على أدوات العموم إذا كانت في حيز النفي بعموم السلب، فلا وجه للإنتقاد على الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع)]

صفحة 398 - الجزء 1

  حمزة # في استدلاله بنحو قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}⁣[الأنعام: ١٠٣]، على عموم السلب، وقد أريناك خلاف القوم، وهو مستوفى في مظانّه من البيان مع أن الآية وردت للتمدّح، فلو خَصَّتْ بعض الأحوالِ لانتقضَ التمدّح، ثم إن الإمام مَنْ لا يُشقُّ له غبار، ولا يُلْحَقُ له آثار، إمامُ العلوم، وتيّار المنطوق والمفهوم، أما اللسان العربي فهو لسانه، وذلك الميدان ميدانه، وعندَ جُهَيْنَةَ الخبرُ اليقينُ.

  عَلِيْمٌ رَسَتْ للعلْمِ في أَرْضِ صَدْرِهِ ... جِبَالٌ جِبَالُ الأرضِ في جَنْبِها قُفُّ

  ولا يحسن بنا أن نقول في حقِّه إلا ما قال في نفسه:

  وأنا ابنُ معتلج البطاح تَضُمّني ... كالدرِّ في أصدافِ بحرٍ زاخرِ

  يَنْشَقُّ عني ركنُها وحطيمُها ... كالجفنِ يُفْتَحُ عن سَوَادِ الناظرِ

  كَجِبَالها شَرَفَيْ ومثلُ سُهُوْلِهَا ... خُلُقِي ومثلُ المرهفات خواطري

  ولم نُرِدَ التعريف بحقِّه، فهو أجلُّ من أنْ يُعَرَّف، وصفاتُ ضوءِ الشمسِ تذهبُ باطلاً.

  وإنما هو من بابِ قوله:

  أَسَامِياً لم يَزِدْنَ معرفةً ... وإنَّما لذَّةً ذَكَرْناها

  فما يكون وشلُهم عند بحره، وخَزَفُهم عند دُرِّه.

  هذا، وقد أرشدنا ذو العزّة القاهرة، والعظمَةِ الباهرة؛ إلى النظر في عجائب مصنوعاته، وغرائب مبتدعاته التي حارت فيها العقول، مثل قوله ø: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ١٦٤}⁣[البقرة: ١٦٤]، ومنهم من دخل في ضلال