من مواقف صفين:
  فوارس ليسوا في الحروب بعزَّل ... غداة الوغى من شاكر وشبام
  ومن أرحب الشُم المطاعين بالقنى ... ونهم وأحياء السبيع ويام
  ووادعة الأبطال يخشى مصالها ... بكل صقيل في الأكف حسام
  ومن كل حيٍ قد أتتني فوارس ... كرام لدى الهيجاء أي كرام
  يقودهم حامي الحقيقة ماجد ... سعيد بن قيس والكريم محامي
  بكل رُدَيني وعَضب تخاله ... إذا اختلف الأقوام سيل عرام
  فخاضوا لظاها واصطلوا حرَّ نارها ... كأنهمُ في الهيج شرب مدام
  جزى الله همدان الجنان فإنهم ... سمام العدا في كل يوم سمام
  لهم تعرف الرايات عند اختلافها ... وهم بدؤا للناس كلَّ لحام
  رجالٌ يحبّون النبي ورهطه ... لهم سالف في الدهر غير أيام
  همُ نصرونا والسيوف كأنها ... حريق تلَظَّى في هشيم ثُمام
  لهمدان أخلاق ودين يزينها ... وبأس إذا لوقوا وحد خصام
  وجدّ وصدق في الحديث ونجدة ... وعلم إذا قالوا وطيب كلام
  فلو كنتُ بوَّاباً على باب جنةٍ ... لقلتُ لهمدان ادخلوا بسلام
  وقال أمير المؤمنين #: (يا معشر همدان أنتم درعي ورمحي، وما نصرتم إلا الله ورسوله، وما أجبتم غيره)، فقال سعيد بن قيس، وزياد بن كعب الأرحبي: (أَجَبْنا الله ورسولَه وأجبناك، ونصرنا الله ورسوله ثم إيّاك، وقاتلنا معك من ليس مثلك، فارم بنا حيث شئت)، فقام عامر بن قيس العبدي، وهو فارس القوم، فقال: يا أمير المؤمنين إذا رمت بهمدان أمراً فاجعلنا معهم، فإنا يداك وجناحك، فقال #: (وأنتم عبد القيس سيفي وقوسي)، فرجع بها العبدي إلى قومه.
  قيل: لما قال أمير المؤمنين #: (فلو كنت بواباً ... البيت) قال رجل: (لقلتُ لمن دانَ ادْخُلُوا بسلام)، فقتله همدان بحوافر خيلهم، وضربوه بنعالهم، فأمر أمير