أخبار في فضائل العترة (ع) ووجوب التمسك بهم:
= قال القاسم: فعددنا فإذا هي ألف شهر لا تزيد ولا تنقص، قال: وأخرج هذا الحديث الحاكم في مستدركه (٣/ ١٧٠)، وابن جرير في تفسيره، وساق سنده إلى عبد المهيمن بن عباس بن سهل، حدثني أبي، عن جدي، قال: «رأى رسول الله ÷ بني الحكم بن أبي العاص ينزون على منبره نزو القردة، فساءه ذلك، فما استجمع ضاحكاً حتى مات، وأنزل الله في ذلك: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ}» قال: إسناده ضعيف، لكن له شواهد من حديث عبدالله بن عمر، ويعلى بن مرة، والحسن بن علي وغيرهم، وقد أوردتها في كتاب التفسير (الدر المنثور ٥/ ٣٠٩ - ٣١٠)، والمسند، وأشرت إليها في كتاب أسباب النزول (أسباب النزول ١٣٧)، وعنه ÷: «إن أهل بيتي يلقون من أمتي قتلاً وتشريداً، وإن أشد قومنا لنا بغضاً بنو أمية، وبنو المغيرة، وبنو مخزوم» أخرجه الحاكم (المستدرك ٤/ ٤٨٧)، وقال: صحيح الإسناد، كنز العمال ١١ برقم (٣١٠٧٤)، وقال: أخرجه نعيم بن حماد في (الفتن)، وقد استوفيت طرق هذه الأخبار وغيرها في كتاب لوامع الأنوار في جوامع العلوم والآثار وتراجم أولي العلم والأنظار.
وقد ساق القاضي الشوكاني في فتح القدير طائفة من الأخبار بهذا المعنى، وزاد: وأخرج ابن مردويه عن عائشة، أنها قالت لمروان بن الحكم: (سمعتُ رسول الله ÷ يقول لأبيك وجدّك إنكم الشجرة الملعونة في القرآن)، قال الشوكاني: وفي هذا نكارة، وعلَّل ذلك بأن جدّ مروان لم يدرك زمن النبوة.
قلت: وذلك ساقط لإمكان أن لا تكون اللام للتبليغ بل بمعنى (عن) كما في قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ}[الأحقاف ١١]، وقوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ ...} الآية [آل عمران ١٦٨]، أي عنهم وفي شأنهم، وهنا كذلك، أي يقول عن أبيك وجدك، وهذا هو الذي يجب المصير إليه، فلا معنى للتشكيك في الرواية الصحيحة - التي لها شواهد متظافرة، بل متواترة - بمثل هذا التعليل العليل، وأيضاً فلو كانت اللام للتبليغ لأمكن ذلك باعتبار (الحَكَم) فهو مخاطب، وعطف والده عليه تغليباً، وهذا واضح للمنصفين.
وفي البخاري (٩/ ٨٥ - كتاب الفتن - باب قول النبي ÷: «هلاك أمتي ... إلخ» بسنده): قال أبو هريرة: سمعت الصادق المصدوق يقول: «هلكة أمتي على يدي غلمة من قريش»، قال مروان: لعنة الله عليهم غلمة، فقال أبو هريرة: لو شئتُ أن أقول بني فلان لفعلت، قال في الجزء ١٣ ص ٨ - ٩ من فتح الباري: (تنبيه) يُتَعَجّبُ من لعن مروان الغلمة المذكورين، مع أن الظاهر أنهم من ولده، فكأن الله أجرى ذلك على لسانه ليكون أشدّ في الحجة عليهم لعلهم يتعظون، وقد وردت أحاديث في لعن الحكم والد مروان وما ولد، أخرجها الطبراني وغيره، وغالبها فيه مقال، وبعضها جيد.
وروى الحاكم في كتاب الفتن والملاحم عن عبد الرحمن بن عوف، قال: لا يولد لأحد مولود إلا أتى به إلى رسول الله ÷ فيدعو له فأُدْخِلَ عليه مروان بن الحكم، فقال: هو الوزغ بن الوزغ الملعون بن الملعون، ثم قال: صحيح الإسناد، ثم روى الحاكم عن عمر بن مرة الجهني، وكانت له صحبة، قال: إن الحكم بن العاص استأذن على رسول الله ÷ فعرف صوته، فقال: ائذنوا له لعنة الله عليه، وعلى من يخرج من صلبه إلا المؤمن منهم، وقليل ما هم، يشرفون في الدنيا ويضيعون في الآخرة، ذووا مكر وخديعة، يعرفون في الدنيا ومالهم في الآخرة من خلاق، انتهى من المؤلف (ع).