التحف شرح الزلف،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

الحسين بن علي (ع)

صفحة 67 - الجزء 1

  ولما وافته بيعة أهل الكوفة خرج من مكة سائراً إليها لثمان خلون من ذي الحجة، ورُوِيَ أنه لما أراد الخروج إلى العراق خطب أصحابه؛ فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن هذه الدنيا قد تنكَّرَتْ وأدْبَرَ معروفُها فلم يبق إلا صبابة كصبابة الإناء، وخسيس عيش كالمرعى، ألا ترون أن الحق لا يُعْمَلُ به، وأن الباطل لا يُنْهى عنه، ليرغب المرء في لقاء ربه فإني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا شقاوة.

  فقام إليه زهير بن القين العجلي، فقال: قد سمعت مقالتك هديت، ولو كانت الدنيا باقية وكنا مخلدين فيها، وكان في الخروج مواساتك ونصرتك لاخترنا الخروج منها معك على الإقامة فيها، فجزَّاه الحسين بن علي @ خيراً، ثم قال:

  سأمضي وما بالموتِ عارٌ على الفتى ... إذا ما نوى حقاً وجاهد مسلماً

  وواسَى الرّجال الصالحين بنفسه ... وفارق مثبوراً وجاهد مجرما

  فإن عشتُ لم أندم وإن متُّ لم أُلَمْ ... كفى بك داءاً أن تعيش وتُرْغما

  فلما نزل بستان بني عامر كتب إلى محمد أخيه وأهل بيته: من الحسين بن علي إلى محمد بن علي وأهل بيته، أما بعد: فإنكم إن لحقتم بي استشهدتم، وإن تخلّفتم عني لم تلحقوا النصر والسلام.

  إلى قوله: فلما وافى كربلاء، قال: في أي موضع نحن؟

  قالوا: بكربلاء.

  قال: كَرْبٌ والله وَبَلاء، هاهنا مناخ ركابنا ومهراق دمائنا.

  إلى قوله: ورُوِينا عن زيد بن علي عن أبيه @ أن الحسين بن علي @ خَطَبَ أصْحَابَه، فحَمِدَ اللهَ وأثنى عليه ثم قال: (أيها الناس، خط الموت على بني آدم كخط القلادة على جيد الفتاة، ما أَوْلَعني بالشوق إلى أسلافي اشتياق يعقوب # إلى