التحف شرح الزلف،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

الحسين بن علي (ع)

صفحة 69 - الجزء 1

  الرحى، عهداً عهده إليَّ أبي، فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم كيدوني جميعاً ولا تنظرون، إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراطٍ مستقيم، اللهم احبس عنهم قطر السماء، وابعث عليهم سنين كسني يوسف، وسلّط عليهم غلام ثقيف، يسقيهم كأساً مرّة، فلا يدع فيهم أحداً إلا قتله، قتلة بقتلة وضربة بضربة، ينتقم لي ولأوليائي وأهل بيتي وأشياعي منهم، فإنهم غرّونا وكذبونا وخذلونا، وأنت ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير.

  ثم قال: أين عمر بن سعد، ادعوا لي عمر، فدُعِيَ له، وكان كارهاً لا يحب أن يأتيه، فقال: يا عمر، أنت تقتلني تزعم أن يولِّيكَ الدّعِيُّ بن الدّعي بلادَيْ الري وجرجان، والله لا تتهنأ بذلك أبداً، عهداً معهوداً، فاصنع ما أنتَ صانع فإنك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة، ولكأني برأسكَ على قَصَبَةٍ قد نُصِبَتْ بالكوفة يتراماها الصبيان ويتخذونه غرضاً بينهم.

  واستشهد السبط الأصغر أبو عبدالله الحسين، وله ست وخمسون سنة، قتله أجناد يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، في كربلاء، يوم الجمعة عاشر محرم الحرام، سنة إحدى وستين، قتل هو وأهل بيته من أولاده وأولاد أخيه الحسن وأولاد الوصي، لم يخلص منهم إلا من حفظ الله به نسل نبيه، وكذلك من أولاد عقيل بن أبي طالب، وأولاد جعفر بن أبي طالب، ومن أوليائهم صلوات الله على أرواحهم الطاهرة المقدسة.

  وبعد قتلهم أظهر الله آيات، كحُمْرَةِ السماء، والشجرة، ونبع الدم، والظلمة، ولم يشكّوا في نزول العذاب.

  وأخبر الحسين ~ من حضر قتله من فراعنة الأمة بما عهد إليه الوصي في خطبة طويلة، وأنبأهم بما يلاقون بعد قتله من أصناف العذاب، وأن الله سينتقم منهم، وبتسليط غلام ثقيف، وغيره من الجبابرة.