الخطبة الأولى
السعادة المنشودة
الخطبة الأولى
  
  الحمدُ للهِ الذي علا بحولِهِ، ودنا بِطَوْلِهِ، مانح كلِّ غنيمةٍ، كاشفِ كلِّ عظيمةٍ، نحمدُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليه، ونستعينُهُ وهو خيرُ مستعانٍ على أمورِنا في دنيانا والدينِ.
  ونشهدُ ألا إله إلا اللهُ واحداً أحداً فرداً صمداً، لم يتخذ صاحبةً ولا ولداً، تعالى عن الشبيهِ والمثالِ، وتنزه عن قبحِ الفعالِ.
  ونشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ وأمينُه على وحيه، بلغَ الرسالةَ، وأدى الأمانةَ، ونصحَ الأمةَ، وجاهدَ في اللهِ حقَّ جهادِهِ حتى أتاه اليقينُ، فصلواتُ اللهِ عليه وعلى آله الطاهرين، من يومِنا هذا إلى يومِ الدينِ.
  أما بعدُ عبادَ الله:
  إن البشريةَ اليومَ تعيشُ في حيرةٍ من أمرِها، تحيا حياةً بائسةً غيرَ مستقرةٍ، حياةَ نكدٍ وهمٍّ، حياةً يسودُها القلقُ والضياعُ، على الرغم من تقدم العلم وتوفر أرقى متطلبات الحياة وما وصل إليه الناس من تطور في كل مناحي الحياة، فقد تمكن الإنسان من إدراك رغباته والحصول على آماله، إلا أنه ما زال هناك شيء غامض مفقود لم تستطع البشرية الحصول عليه، ألا وهو السعادة والطمأنينة وراحة البال، لم تستطع البشرية بكل ما أوتيت من علم ومعرفة الحصول عليها، لماذا؟ وما سبب تلك الكآبة والبؤس والعبوس الذي يخيم على وجوه الناس في هذا العصرِ؟ حتى أصحابُ الأموالِ الذين يتمرغون بين الملايين لا وجودَ للراحةِ في قلوبِهم، والملوكُ وأصحابُ المناصبِ والرُّتبِ العليا الذين كلُّ شيءٍ تحت تصرفِهِم ويتمرغون بين النعمِ والملذاتِ، ومع كلِّ ذلك لا يجدونَ لذةً للعيشِ، ولا يحسون بالراحةِ.