سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 157 - الجزء 1

  لو أيقنَ الناسُ بكلِّ هذا لاستقامت أمورُهم، وصلح حالُ الأمةِ، ولكن بسببِ ضعفِ اليقينِ باللهِ، وعدمِ استشعارِنا لرقابةِ اللهِ، قَلَّت الخشيةُ من القلوبِ، ونقص الخوفُ من النفوسِ؛ فأكلوا الحرامَ، وارتكبوا الآثامَ، واستحلوا الربا، واستباحوا الزنا، وانتشر البخسُ والغشُ في البيعِ والشراءِ، وخان الموظفُ وظيفتَه، وأهملَ العاملُ عملَه، وقصرَ الأجيرُ في واجبِه، وانتشرت الرشوةُ، وكثر النصبُ والاحتيالُ، وأُكِلَت الأموالُ بالباطل.

  فضاعَ الحقُّ، وكثرَ الفسادُ، وقحطت البلادُ، ثم دعونا اللهَ فلم يُجِبْ دعائنا، ولم يسمعْ ندائَنا لسوءِ فعالنا، وكثرةِ ذنوبنا {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.

  ألا وصلوا وسلموا على من أمرَكم اللهُ بالصلاةِ عليه أبي الطيبِ، والطاهرِ والقاسمِ محمدِ بنِ عبدِ المطلبِ بنِ هاشمٍ، وعلى أخيه ووصيِّه، وبابِ مدينةِ علمِه الليثِ الغالبِ علي بنِ أبي طالبٍ، وعلى زوجتِه الحوراءِ خامسةِ أهلِ الكساءِ فاطمةَ البتولِ الزهراء، وعلى ولديهما الإمامين قاما أو قعدا أبي محمدٍ الحسنِ المسمومِ، وأبي عبدِ اللهِ الحسين المظلوم وعلى التقي الولي الإمام الأعظم زيدِ بنِ علي، وعلى إمامِ اليمنِ محيي الفرائض والسنن الهادي إلى الحقِّ القويم يحيى بن الحسين بن القاسمِ ابن إبراهيم، وعلى من بيننا وبينهم من الأئمة الهادين دعاةً منهم ومقتصدين، وارض اللهم عن الصحابة الأخيار، وعنا معهم بمنك، وكرمك يا أرحم الرحمين.

  اللهم انصر الإسلامَ والمسلمين وأعز أولياءَ الدين، اللهم وَحِّدْ كلمةَ المسلمين وأعلي مقامَهم، وثبت أقدامَهم، وأثبهم فتحاً قريباً.

  اللهم دمر الكفرةَ والملحدين، والجاحدين والمخربين للدين، اللهم شتت شملَهم، واطفِ نارَهم، واجعل الدائرةَ عليهم واجعلهم غنيمةً للمسلمين، وعبرةً للمعتبرين، وأنزل عليهم بَأْسَكَ الذي لا يُرد عن القوم الظالمين.