سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 159 - الجزء 1

[١٤] - بعض ما نحن فيه اليوم

الخطبة الأولى

  

  الحمد لله الذي لا يبلغ مدحتَه القائلون، ولا يحصي نعماءَه العادُّون، ولا يؤدي حقَّه المجتهدون، الذي لا يدركه بُعْدُ الهمم، ولا يناله غوصُ الفطن، الذي ليس لصفته حدٌّ محدود، ولا نعتٌ موجود، ولا وقتٌ محدود، ولا أجلٌ ممدود، فطر الخلائقَ بقدرتِه، ونشر الرياحَ برحمتِه، أولُ الدينِ معرفتُه، وكمالُ معرفتِه التصديقُ به، وكمالُ التصديقِ به توحيدُه، وكمالَ توحيدِه الإخلاصُ له، وكمالُ الإخلاصِ له نفيُ الشبيه عنه.

  وأشهد ألّا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، شهادةً ممتحن إخلاصُها معتقداً مصاصها، نتمسكُ بها أبدا ما أبقانا، وندخرُها لأهاويلِ ما يلقانا، فإنها عزيمةُ الإيمانِ، وفاتحةُ الإحسانِ، ومرضاةُ الرحمنِ، ومدحرةُ الشيطان.

  وأشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه: أرسله بالدين المشهورِ، والعلمِ المأثورِ، والكتابِ المسطورِ، والنورِ الساطعِ، والضياءِ اللامعِ، والأمرِ الصادعِ، صلى الله عليه وعلى آله الولاةِ، سفنِ النجاةِ وسلمَ تسليماً كثيراً.

  يا سيدي يا رسولَ الله معذرةً ... إذا كبا فيك بياني وتعبيري

  ماذا أفيكَ من حقٍّ وتكرمةٍ ... وأنت تعلو على ظني وتقديري

  أما بعد:

  عبادَ الله: يقول المصطفى ÷: «بدأَ الإسلامُ غريباً، وسيعودُ غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء».

  إن المتأملَ لحالنا نحنُ المسلمون اليومَ، وحالِ زمانِنا، وما ظهر فيه من الآفاتِ والفتنِ وانفتاحٍ على الدنيا وزخرفِها، وإقبالٍ على اللهوِ والترفِ فيها، وعزوفٍ عن