سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 161 - الجزء 1

  حتى ادعى الإسلامَ من ليس أهلِه، ونُسِبَ إلى الإيمانِ من لا يعرف حده، تراه تاركاً للصلاةِ، مفطراً لشهرِ الله، يكنز المالَ، ويمنع حقَّ اللهِ فيه، ويُسَوِّفُ الحجَ حتى يأتيَه الأجلُ ويوافيه، أو يَضْعُفَ جسدُه ويحلَّ البلاءُ فيه، ثم ينكر وجوبَه بدعوى الضعفِ، وقلةِ المالِ.

  مالُه من الربا، وأعمالُه رياء، وأصحابُه أشقياءُ، استبدل الذكرَ بالغناءِ، وهَتْكِ أعراضِ أهلِ التقى، أكره شيء لديه العلماءُ، يرجو الجنةَ ولا يعملُ لها، ويستجيرُ من النارِ وهو أولى بها، {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ}.

  ومنا من حالُه حالَ الآلةِ المؤقتة، والحيواناتِ المدربةِ، يؤدي الصلاةَ بجوارحِه ولسانه و يلفظ بما لا يوافق قلبه، لا يتم ركوعَها ولا سجودَها وينقرُها نقرَ الديكةِ للحَبِّ، وهو عنها لاهٍ مبعد، يفكر في المعصيةِ وهو يؤدي الطاعةَ، لا يهتم بطهارةٍ، ولا يعرفُ ألفاظَ الصلاةِ ولا يسبغُ الوضوءَ.

  لم يخصص وقتاً لتعلمِها، ولا فهم علةَ وجوبِها، وعظمَ منزلتِها، إن أداها فعلى عجلٍ، وإن عزم لها أصابَه الكسلُ، وإن قام لجماعةٍ أخرجه منها الملل. {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَأَىؤُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلَّا قَلِيلاً} {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ}.

  وأما صيامُه فعن المأكلِ والمشربِ، لا حرجَ إن أكل إلى أذانِ الفجر، ويتعمدُ الإفطارَ قبلَ دخولِ الليلِ، يقضي النهارَ نائما، وإن قام أخافَ أهلَه وآذى جيرانَه، لا يصبر على أتفهِ الأسبابِ، ولا يتنازل عن سهو في مقال، وأكثرُ كلامِه القيلُ والقالُ، لا يتحرى من سماعِ لغوٍ أو غناءٍ، ومغرم بالنظرِ للنساءِ، الدكاكينُ والأسواقُ أفضلُ أمكنتِه، وتقاربُ أيامِ الشهرِ للنفادِ أمنيتُه و لا يتحسرُ لفواتِ طاعةٍ، ولا يندمُ على فعلِ معصيةٍ، يقضي نهارَه في هفواتٍ وليلَه على الأفلام والمسلسلات.

  وأما زكاتُه فلا يخرجُها إلا بتكلفٍ، يعدها مغرما، يُعطيها من لا يستحقُّها، ويتبعها منّاً وأذى.