سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 211 - الجزء 1

  والإحسانُ في الصدقةِ، الإحسانُ في النفقةِ: أن ينفقَ المرءُ مما يحب كما قال تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}.

  وليس من الإحسانِ الإنفاقُ من أبخسِ وأحقرِ ما تملكون لنهيه تعالى عن ذلك بقوله: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}.

  فمن قصد الأدنى والأبخسَ مما يملكُ وأنفقه وتصدق به فليس من المحسنين، بل من المسيئين، ومن أنفقَ مالاً من أطيبِ ما يملكُ وأتبعَه بالمنةِ والأذى فليس بمحسنٍ بل مسيءٍ مؤذي، وهو من الذين لا يتقبلُ اللهُ منه نفقاتِهم وباطلَ ما كانوا يعملون.

  هناك فرق واضح بين أن تؤدي الصلاة على عجل وبغير تدبر وتركيز، وبين أن تؤدي الصلاة كأفضل ما يكون - فهذا هو الإحسان في العبادة.

  فهل تستطيع أن تفعلَ ذلك وأنت تصلى؟ تستشعرُ أن اللهَ يراك، تستشعر مراقبةَ اللهِ لك، إذا فعلتَ ذلك فكيف ستكون هذه الصلاة، أكيد أنك سوف تحسنها.

  هذه فكرةٌ جيدةٌ وعلاجٌ ناجحٌ من طبيبِ القلوبِ محمدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ وَسَلَّمَ، استشعر الله وأنه يراك، وأنك لا تغيب عن علمه طرفة عين، وسوف تحسن في عبادتك، إذا وقرَ في قلبِك هذا الشعورُ فإنك حتما ستؤدي عباداتِك على أكملِ وجهٍ وأحسنِ هيئةٍ وأتمِّ حالةٍ.

  قد يسألُ سائلٌ فيقولَ وكيف أحسنُ في العبادةِ؟

  والجواب: في الحديثِ المشهورِ أن جبريلَ # جاء ذات يوم فسأل رسول الله ÷ عن الإحسانِ في العبادةِ، فأجابه النبي ÷ بقوله: «أن تعبدَ اللهَ كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» سأله جبريل # عن الإحسان في العبادة. فأجابه النبي ÷ عن الإحسانِ في العبادةِ وهي الصلاةُ، وبيّن المرتبةُ التي إذا بلغها المصلى عُدَّ محسناً.