سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 212 - الجزء 1

  حاول وابدأ من الآن جَرِّبْ ولو مرةً واحدةً أن تصليَ صلاةً واحدةً وأنت مستشعرُ لرقابةِ اللهِ، إنه أمرٌ سهلٌ وبسيطٌ، إنها مجردُ خمسِ دقائقَ بالكثيرِ فجاهِدْ نفسَك فيها. توكل وابدأ بصلاةٍ واحدةٍ ثم بصلاتين - وهكذا، وبعد الممارسةِ، جرِّب أن تعبدَ اللهَ يوماً كاملا على هذا النحو تحت عدسةِ المراقبة.

  عبدَ الله: إن قضاء يوما كاملا من عمرك على عبادة الإحسان سيجعلك إنسانا آخر ويولد لديك شعورا باللذة والسعادة، وتحس بأن لهذه العبادةِ متعةً ومذاقاً خاصاً وليست متعبةً كما كنت تتصورُها من قبلُ، الذين يتعبون في الصلاة هم الذين لا يخشعون فيها الذين يؤدونها في عجلة وتسرّع، أما الخاشع المحافظ على صلاته فلا يحس بتعب قال تعالى: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ}، حاول عند الاستيقاظِ أن تذكرَ اللهَ وكذا عند الخروجِ وعند الأكلِ والشربِ وعند الركوبِ وعند الكلامِ وعند المنامِ وفي الصلاةِ وعند العملِ والمذاكرةِ.

  انظر عبدَ اللهِ كم من الأيامِ قضيناها في اللهوِ واللعبِ والغفلةِ سنوات طويلة ذهبت كلُّها هباءً. فلماذا لا نجرب أن نعيش ولو يوماً واحداً من هذا العمرِ كما يحب ربُّنا ويرضى؟

  نسألُ اللهَ العونَ على ذلك وحسنَ التوفيقِ والسدادِ إليه.

  عبادَ الله: يجب أن نعلمَ ونفهمَ ونعي جيداً بأن العبادةَ والصلاةَ والوضوءَ، وجميعَ الطاعاتِ التي نتقربُ إلى اللهِ بها هي في واقعِ الأمرِ لنا، ومردُّها إلينا، وسيجازينا اللهُ عليها بالثوابِ على قدرِ حسنها، وسوف يلق كلُّ إنسانٍ جزاءَ عمله الذي عمله في الدنيا حسنِه وقبيحِه، إن خيراً فخيرٌ وإن شراً فشر، وإن كان كاملاً فكاملٌ وإن ناقصاً فناقص، فالأعمالُ الكاملةُ الحسنة المتقنة سوف تعاد إلى أصحابها ليجازوا عليها أفضل الجزاء فيحمدوا الله على ذلك لأنهم قدموا بضائع نقية طيبة متقنة مقبولة، فأنا عندما أقدم صدقة أو طاعة فأنا أقدمها قرضاً عند الله وسيردُّه إليَّ فإن أحسنت فلي وإن أسأت فعلي، ومن يبخلْ فإنما يبخلُ على