الخطبة الثانية
  نفسِه، وأما أصحابُ الأعمالِ الناقصةِ وغيرِ المكتملة كالصلاةِ والوضوءِ والصومِ ونحوها فسوف تعادُ إليهم تلك البضائع المغشوشة الفاسدة فيجازون عليها بالحسرة والندامة لسان حالهم {هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا} وعندها يندمون حين لا ينفع الندم، ويسألون من الله أن يعيدهم للدنيا ليعملوا عملا صالحا حسنا كما قال تعالى حاكيا عنهم: {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ} فالله سبحانه وتعالى قد أتقن وأحسن في خلق كل شيء قدمه لك فمن الواجب أن تحسن وتجد وتجتهد في إكمال وإتقان وإحكام كل عمل تقدمه إلى الله، فأعمالنا هذه لا تليق بأن نرفعها إلى الله، فالله أكرم من أن نقدم له مثل هذه الأعمال السيئة الناقصة، فالله تعالى لا يقبل إلا طيبا، ولا يرضى إلا بالخالص الصالح {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}.
  عبادَ الله: يجب أن نشعر بمسئوليةِ العملِ والطاعةِ وأن نأخذَ بعينِ الاعتبارِ بأن هذا العملَ سوف تتسلمه منا الملائكةُ بعدَ الفراغِ منه وأنهم سوف يعرضونه على الله.
  أفلا نستحيي من الله أن يُرفع إليه عملٌ ناقصٌ أو قبيحٌ أو مختلٌّ.
  فتقول الملائكة: هذا عملُ عبدِك فلانٍ الذي يتقربُ به إليك، يرجوك أن تقبله منه، فيقول ﷻ، ارموا بهذا العمل وجه صاحبه.
  لماذا؟ لأنه عملٌ مخلولٌ، عمل ناقص، عمل غير متقن ولا حسن، فلا ثمن له عند الله، ولا يليق أن يعرض على الله.
  عبادَ الله: اتقوا الله وأحسنوا إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.
  ربنا تقبل منا إنك أنت السميعُ العليمُ وتب علينا إنك أنت التوابُ الرحيم.
  عبادَ الله: أكثروا في هذا اليوم وأمثاله من الصلاة على نبيكم الكريم امتثالا لأمر الله القائل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}.