سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 222 - الجزء 1

  من يشتمه ابنه ويسب أمه، ثم لا ترى من والده إلا الضحكَ والتعجبَ منه، بل إنه قد يكون السبب في تشجيعه على السب وشتم الآخرين، فهل هذه هي الأخلاق التي أمر الله بها والوصية التي أوصانا بها، وهل هذا هو شرع الله وميثاقه الذي واثقنا به {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.

  عبادَ الله: من منا يُعلِّمُ ابنَه آدابَ الإسلامِ، ومكارمَ الأخلاقِ، وفعلَ الخير؟

  من منا يربي أولادَه على الهدى، والفضيلةِ، وعلى الإحسانِ إلى الآخرين، ومساعدةِ الضعيفِ والمحتاجِ؟

  من منا يعلِّمُ أولادَه الصلاةَ، ويشجعَهم عليها، وعلى حفظِ كتابِ الله؟

  من منا يُعلّم ابنه الاستئذان وردّ السلام، والترحيب بالضيف والغريب؟

  من منا يعلمُ ابنَه حرمةَ المساجِد، وحرمةَ القرآنِ، وحقَّ الطريقِ، وحقَّ مَن هو أكبرُ منه سنّاً؟ من منا يراقبُ ابنَه ويتتبعُ حالَه، ومع من يسيرُ، ومن يزاملُ، ومن يرافقُ؟ ومن منا يعلِّمُ ولدَه بأن هذا عيبٌ، وهذا حرامٌ، وهذا لا يجوزُ؟

  من منا يربي ولدَه على شرعِ اللهِ ويرسمُ في عقلِه بأن الله ربه، وأن نبيئه محمدٌ، وأن القرآن كتاب الله، وأن الكعبة قبلة للصلاة، وأن المساجد بيوت الله، وأن الجنة مقر الصادقين، وأن النار مستقر العصاة والمنافقين؟

  ولكن:

  إذا كان رَبُّ البيتِ بالدفِّ ضارباً ... فشيمةُ أهلِ البيتِ كلِّهم الرقصُ

  فإذا كان كبيرُ البيتِ نفسُه جاهلاً مهملاً، مقصراً، لا يحل حلالاً ولا يُحرم حراما، ولا يعرفُ معروفاً ولا يُنكر منكراً، فكيف له أن يربي جيلاً مؤمنا صادقا موقنا بالله؟ إن الشوك لا يثمر العنب! وفاقد الشيء لا يعطيه! وكيف يستقيم الظل والعود أعوج.