الخطبة الأولى
  {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ}.
  عبادَ الله: إن مسؤولية الأب تجاه أبنائه مسؤولية كبيره والله سائله عنها وستذكرون، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ٢٧ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}.
  وأنا - والله - أرى بأننا لم نُبْلغْ مع أبنائِنا الجهدَ الكافي ولم ننصحْ لهم النصحَ الكامل الذي أرادَه الله فنحن مقصرون، ومفرطون، وآباؤنا من قبلنا كذلك إلا من رحمَ الله. والدليلُ على ما نقولُ: أن يسألَ كلٌّ منا نفسَه ممن تعلم صلاتَه ووضوءَه؟ ومن علَّمَه صومَه وحجَه؟ هل والدُه أم غيرُه؟ القليلَ منا تعلمَ من والديه، والأكثرُ تعلمَ من الآخرين، لماذا؟ أليس هذا ولدَك وفلذَة كبدِك أليس الأولى بك أن تُعلمَه بدلاً من غيرِك، ألا يجدر بك أن تخاف عليه من النار بدلا من خوفك عليه من الشمس، والحر، أليس الواجب أن تحميه من عذاب الله وتقيه من النار بتعليمه ما أوجب الله عليه كما تحميه من برد الشتاءِ بِشراءِ الملابسِ، لماذا تخشى عليهم الفقر والحاجة في هذه الدنيا، فتجهد نفسك من أجل كسبِ لقمةِ العيشِ، ولا تخاف عليهم من الفقرِ والإفلاسِ والحاجةِ الحقيقية بين يدي الله يوم لا درهم هناك ولا دينار.
  {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى}.
  عبادَ الله: إن الأبَّ المثالي الذي يسعى في صلاحِ أبنائِه وهدايتِهم يسهرُ لراحتِهم ويراقبُ حركاتِهم وسكناتِهم، أينما حلوا أو رحلوا. مع من يتمشى مع من يسهر وأين يبيت؟ ومن أين يأكل؟ وأين يأوي؟ وأين ينام، أين يغيب؟ هل يصلي؟ هل يصوم؟