سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 226 - الجزء 1

  فهذا رسولُ الله ÷ يضع البصماتِ الأولى منذ الوهلةِ الأولى فإنه لما وُلدَ الحسنُ # أخذَه من ابنتِه فاطمةَ الزهراءِ & وهو طفلٌ صغيرٌ فأَذَّنَ في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى، لماذا؟

  لكي يكون أولَ صوت يسمعه وأولَ كلامٍ يدخلُ في ذاكرتِه، ويستقر في نفسِه هو ذكر الله، لينشأ على التوحيد والإيمان، وليغرس في أعماقِه نداءَ الإسلامِ، وصوتَ المؤذنِ للصلاةِ، ليهتز شوقا وطربا كلما تردد صدى تلك الكلماتِ. اقتربَ ~ وعلى آله من أذنِ ولدِه الضعيفةِ الرقيقةِ، ليرددَ (الله أكبر الله أكبر، أشهد ألّا إله إلا الله أشهد ألّا إله إلا الله ...) ليقعَ الأذانُ في قلبِه، ولتكونَ أولُ كلمةٍ في ذاكرتِه هي كلمةُ التوحيدِ، لينشأ عبداً مصلياً صائما عابدا ذاكرا مقرا لله بالربوبية ولرسوله بالرسالة، إنه هدي رسول الله الذي أرسله الله معلما للبشرية، وهاديا لها إلى طريق الرشاد، والذي يعلمنا سبل الخير والسداد لو أطعنا أمره واتبعنا مشورته، ولكن ومع الأسف الشديد نشأت في هذا الزمان التربية المعكوسة وهجرت السنة وأقيمت المنكراتُ ونشأ الابنُ على الغناءِ والخَناءِ وعلى الشتمِ واللعنِ لا يعرفُ إلا المجلاتِ الخليعةَ، والأفلامَ الساقطةَ، والأشرطةَ الماجنة، نشأ وشب وهو يحفظ من الأغاني الكثير الكثير، وأسماء الأفلام والحلقات، والممثلين والممثلات، ولديه قاموس يحوي أنواع الشتائم، وتراه لا يحفظ من آيات الله البينات إلا الشذر القليل.

  والله سبحانه يقول: {يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}.

  مَن الذي خدعَك وغرَّك وأبعدَك عنا؟

  من الذي أرداكَ عن منهجي وصراطي؟

  ومن زين لك أن تحيدَ عن سبيلي وفطرتي؟ و تتبعَ غيرَ سبيلي؟

  ما غرَّكَ بربِّك الكريمِ؟ من خلقَكَ فسواك فعدلَك في أيِّ صورةٍ ما شاء ركبَك؟

  من خلقَك فسواكَ نحن أم هم؟