سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 227 - الجزء 1

  من عدَّلك وقوَّاك نحن أم هم؟

  من صوَّرك ورعاكَ نحن أم هم؟

  بأي شيءٍ أغروك وبأيِّ ثمنٍ شروك؟

  عبادَ الله: إن الواجب على الآباءِ اتقاءُ اللهِ في أبنائِهم، ومراقبتِهم، والنظرِ في ما يصلحهم، والحرصِ على تنميةِ مواهبِهم، وتغذيةِ عقولهم بما هو نافع ومفيد لهم، وَزْرَعِ خصالِ الفضيلِة والخيرِ في معاملاتِهم من صدقٍ، وكرمٍ وتسامحٍ وعفوٍ، والتنبيه لهم وحمايتهم من وسائل الغزو الفكرية الخبيثة الماكرة، والأفكار الهدامة التي يبث سمومها أعداء الإسلام الذين يتربصون بنا الدوائر بدعوى التطور والتقدم والحرية، وغيرها من الأكاذيب والألاعيب الماكرة التي يسعون من وراءها إلى إبعاد أبناءنا عن مبادئهم، وقيمهم الإسلامية الخالدة، ومن أبرز هذه الوسائل الهدامة، القنوات الفضائية الخليعة، والدشات، والأغاني، والقصص الهابطة التي تزرع في عقول الأبناء الخسةَ والدناءةَ، والانحرافَ الأخلاقي أعاذنا اللهُ من كل ذلك، وأوضحُ برهانٍ على ما قلنا ما نراه اليومَ بينَ أوساطِ الشبابِ من تقليدٍ للغربِ، كالمغنين والممثلين في لبسِهم وسلوكِهم وغيرِ ذلك.

  عبادَ الله: إن الله قد أوصى بالأبناءِ خيراً في شأنِ التربيةِ والتعليمِ. ومن صورِ اعتناء الإسلامِ بالطفلِ منذ ولادته إنه حث على حسن اختيار اسمه حتى لا يصير الطفل اضحوكة بين أصحابه وزملائه.

  حتى إذا بلغَ السابعةَ من عمرِه أُمِرِ بالصلاة لقول الرسول ÷: «مروهم لسبعٍ، واضربوهم لعشرٍ، وفرِّقوا بينهم في المضاجع» أي ضعوا بين مراقدهم فواصل.

  فإذا بلغ الابنُ مبلغاً كبيراً من العمرِ، ولم يتعرف على بيوتِ الله، ولم يُغَبِّر وجهه ساجداً لله، فمتى يرجعُ ويؤوبُ وقد بلغَ أشدَّه، وكَمُلَ عقلُه، وأي خير يرجى منه؟ نسأل الله أن يتداركنا بلطفه ورحمته إنه حميد مجيد.

  عبادَ الله: إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسِه وثنّى بملائكتِه المسبحةِ بقدسِه