الخطبة الأولى
  هذا في حقِّ الضّيفِ العادِي، فَما بَالُكَ إِذا كَانَ ضَيْفاً لِلهِ، ونَازِلاً فِي بِيتِ مِنْ بِيُوتِه أَليسَ مِن واجبِنا احترامُ بَيتِه وتَعظيمِه، والتِزَامِ السَّكِينةِ وَالأَدَبِ فيه تَعظِيماً لِلهِ تعالى، روى مولانا الحجة مجد الدين عن مشائخِهِ عن زيدِ بن عليٍّ أنَّ عليًّا # كان يقولُ عند دخولِ المسجد: (بسمِ اللهِ وباللهِ، السلامُ علىك أيُّها النبيُّ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، السلامُ علينا وعلى عبادِ اللهِ الصالحين، السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.
  عِبادَ الله:
  إِنَّ لِكلٍّ مِنَّا بَيتَه، ولِكلٍّ مِنَّا حُرمتَه، وأنت لا تُحِبُّ لِأحدٍ أَنْ يَعبَث في بَيتِك، وَلَا تُريدُ مِن ضَيفِك أنْ يَستَخِفَّ بِدَارِك، وَلا أَنْ يَحُطَّ مِن كَرَامَتِك، كُلٌّ مِنَّا يُريدُ مِن ضَيفِهِ الأَدَبَ والاحترامَ، ويَكرَهُ منه العبثَ والفوضَى، مَهْمَا كانتِ الأسبابُ، فَلِماذَا نُريدُ مِن النّاسِ احترامَ بُيوتِنا، والتّأَدُّبَ في ضِيَافَتِنا، بَينَما نَفْعلُ العكسَ في ضِيافَةِ اللهِ وفي بيته؟ إِنَّ هذا لشيءٌ عُجَاب.
  بُيوتُنا معمورةٌ، وبُيوتُ اللهِ مَهْجُورَةٌ، بُيوتُنا مُضَاءةٌ، وبَعضُ بُيوتِ اللهِ مُظلِمَةٌ، بُيوتُنا نَظيفَةٌ، وبُيوتُ اللهِ مُتَّسخِةٌ، بُيوتُنا مُطَيَّبَةٌ مُعَطَّرَةٌ مُرَتَّبةٌ مُنَظَّمةٌ، وبيوتُ الله فَوضَى مُبَعَثَرَةٌ، فَعَلى مَنْ تَقَعُ مَسؤُولِيةُ كُلِّ هَذِه الخُرُوقَاتِ والأخْطَاءِ؟ وعلى مَن تَقعُ اللائمةُ؟ الكلُّ يَرَى الخَلَلَ، ولكنْ لَا أَحدَ يُصْلِحُه! كُلُّنَا نَجِدُ الوَسَخَ والقَذَارَةَ في المساجدِ، ولَكنْ لَا أَحدَ يَرْفَعُها، بَل هُناك مَن يَتخِذُ مِن المَسْجِدِ مَكَاناً يُنَظِّفُ فِيهِ ثِيابَه، وَيَغْسِلُ فِيهِ بَدَنَه، ثُمَّ يَرْمِي مُخلفاتِ الصَّابُونِ والأوساخِ وراءَه في المسجدِ، وَيُحَمِّلُ غيرَه مَسْؤولِيَّةَ تَنظِيفِه.
  أَهَكَذَا يَفعلُ المُحِبُّ فِي دَارِ حَبِيْبِه؟!
  أَهَكَذَا يَصنعُ العبدُ في بيتِ سَيِّدِهِ؟ أَهَكَذَا نُجَازِي اللهَ على إِحسانهِ إلينا؟