الخطبة الأولى
  عِبادَ الله:
  إِن المساجدَ رَوضةٌ مِن رياضِ الجنةِ، فِعْلُ الخيرِ فيها مُضَاعَفٌ، وفِعْلُ الشَّرِّ فيها كذلك، وفي تَطْيِيْبِها فَضْلٌ عَظِيم، وَفي كَنْسِها وتَنظِيفِها أَجْرٌ كَبِيرٌ، وَكُلُّ عَمَلٍ لِصَالِحَهَا فَهو مُضَاعَفٌ مُبَارَكٌ عندَ الله.
  عَبدَ اللهِ، هَل تَعلمُ أنَّك بِكَنْسِكَ وتَطيِيْبِكَ لِلمسْجدِ تُعَظِّمُ اللهَ، وتُعَظِّمُ شَعائِرَهُ وَمُقَدَّسَاتِه؟ كما قال تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ}[التوبة ١٨].
  هَذا فِي حَقِّ فَاعِلِ الخيرِ، أَمَّا المُخَرِّبُ الذي يَسعَى فِي المساجدِ بِالإِفْسَادِ فَإِنَّ جُرمَهُ عَظِيمٌ، كَمَا قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[البقرة ١١٤].
  عَبْدَ الله:
  لا يَسْتَوِي المسيءُ إِليك في الشَّارِعِ، والمُخْطِئُ عَلَيْكَ وَهُو ضَيْفُك، وَفِي بَيْتِكَ، وعَلى فِراشِك؛ ذَلك هو الضَّلالُ البعيد.
  فَعَلَى الذينَ لَا يَعرفونَ حَقَّ اللهِ في مُقدَّساتِه، ولا يُعَظِّمُونَ حُرُمَاتِه، ولا يَلْتَزِمُونَ بِآدَابِ الضِّيَافَةِ بَينَ يَديْ اللهِ، أَنْ يَبْقَوا فِي بُيوتِهم، يَعْبَثُوا فِيها كَما يَحْلُوْ لَهُم، وَيَكُفُّوا عَن بيوتِ اللهِ أَذَاهُم.
  وَأَخِيْراً نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَرْزُقَنَا مَعْرِفَتَه، وَمَعْرِفةَ حُرمَاتِه، وإِجلالَ مُقَدَّساتِه، إنَّهُ قَريبٌ مُجيبٌ، وهو حسبُنا ونِعمَ الوكيلُ.
  ﷽ {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ