الخطبة الثانية
  الشَّرعُ، فَما بَالُك بِمَن يَمْنَعُ الْمُصَلِّينَ مِنْ أَدَاءِ مَا افْتَرضَ اللهُ عَلَيهِم مِن العِبَادَةِ؛ فَهذَا مِنْ أَظْلَمِ الخلقِ؛ لِمنْعهِ حقوقَ المسلمين في تلك المساجدِ.
  عِبادَ الله:
  علينا أَنْ نَنْظُرَ في أَحوالِ مَساجِدنا، فَهيَ بِحاجةٍ مَاسَّةٍ لِلرِّعَايةِ والاهتمامِ؛ لأَنها شِعارُ المُسلمين، وهِي الْمَدرَسةُ التي تَخَرَّجَ مِنها الرِجال المؤمنون، وتَعلَّمُون فِيها شَرائِعَ اللهِ وأَحكامهِ.
  فَمَنْ أَرادَ خيرَ الدُّنيا ونعيمَ الآخرةِ، فَليُعطِ هَذِه الْمَساجدَ حَقَّهاَ، وَلْيُقْرِضِ الله قَرْضَاً حسنًا يَكُن له صدقةٌ جاريةٌ في بَنكِ الرحمن، نُريدُ عَمَلاً وصِدْقاً وَوَفَاءً معَ بُيوتِ اللهِ لِأَنَّنا إِذا أصْلَحْنا بُيوتَ اللهِ وعَمَرْناها أَصْلَحَ اللهُ أمرَ دُنْيَانَا وَآخِرَتَنا، وَأبْدَلَنا عَنها قُصُوراً فِي الجنةِ، فَجُودُوا رَحِمَكم اللهُ ولا تَبْخَلُوا على بُيوتِ اللهِ، فَمَنْ يَبْخَلُ فَإنَّما يَبْخَلُ عَن نَفْسِه، وإِنْ تَتَوَلّوْا يَسْتَبْدِل قَوْماً غَيرَكُم، وَمَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وصَدَّقَ بِالْحُسنىَ فَسَنُيَسِّرُه لِليُسْرَى، وَسوفَ يَرَى مَا تَقَرُّ بهِ عينهُ مِن فَضلِ الله وثَوابِه، واللهُ عِندَه حُسْنُ الثواب.
  عِبادَ الله:
  إِنَّ مَا تُقَدِّمونَه لِبيوتِ اللهِ فَإِن اللهَ لَن يُضَيِّعَه، وما تُقَدِّموا لِأَنْفُسِكم مِن خَيْرٍ تَجِدُوه عِند الله، وكَذا ما تُنْفِقُونَه عَلى المرافِق التَّابِعَةِ لِلمسجِدِ كَالْبِرَكِ وَالْمَنَازِلِ وَالْمدَارِسِ وَنَحْوِها فَإِنَّها فِي حُكْمِ المسْجِدِ، وَهِي مِن الصَّدَقَاتِ الجَارِيَةِ الّتِي لا يَنقطِعُ ثوابُها.
  وَأهميةُ إِحياءِ المساجدِ بِالعلمِ والْوعظِ وَالْإِرْشادِ و ... الخ هي العمارةُ الحقيقةُ.
  اللّهُمَّ إِنّا نَسْأَلُك فِي هذه السَّاعةِ المُباركةِ أَنْ تَجعلَنا مِن أَدِلَّةِ الرَّشَادِ، ومِن صَالِحِ العبادِ، وأَنْ تُرزَقَنا فَوزَ المعادِ، وأَنْ تُعِينَنَا عَلى مَا فِيه الخيرُ والرشاد.
  اللّهمَّ أَلِّفْ بَين قُلوبِ عِبادِك على طاعَتِك، اللّهمّ انْزَعِ الْغِلَّ مِن قُلوبِهم، وَالْحَسَدَ مِن صُدورِهم.