الخطبة الثانية
  من أهل المذهب الشريف. فمن أراد الآخرة فعليه أن يسعى لها سعيها ولا يكل ذلك إلى الأماني ويريد الجنة ولكن بلا تَعبٍ وبِلا عناءٍ وبِدون مُقابلٍ:
  تَرجُو النّجَاةَ وَلَمْ تَسْلُكْ مَسَالِكَها ... إِنَّ السَّفِيْنَةَ لا تَجْرِي عَلَى الْيَبس
  عِبادَ الله:
  إِنَّ لِكلِّ شيءٍ ذِكْراً كما بَيَّنَّا، وَمِن الأذكارِ أَنْ تُسَمِّيَ الَّلهَ فِي بِدءِ كُلِّ فِعلٍ، وَتَحمَدَهُ بَعد الانتهاءِ مِنه، وإِذا رَأيتَ ما يُعْجِبُك فَقل: «سُبْحانَ اللهِ»، وإِذا نَظَرْتَ ما تَطْمَعُ فِيه فَقلْ: «مَا شَاءَ اللهُ»، وإِذا رَأَيتَ مَا أفزعَك فَقل: «أَعوذُ بِاللهِ»، وإِنْ وَاجَهَكَ مَا تَخافُه فَقلْ: «حَسبِيَ اللهُ»، وَإِنْ وَقَعَ مَا تَكرَهُهُ فَقلْ: «إِنَّا لِلهِ وإِنَّا إِليهِ رَاجِعون»، وَإنْ أَذْنَبتَ فَقلْ: «أَسْتَغْفِرُ اللهَ» وَإن جَاءْتَكَ نِعمةٌ فَاشْكُرِ اللهَ.
  عَبدَ الله:
  حَاوِلْ أَن تُعَوِّدَ نَفْسَكَ عَلَى ذِكْرِ اللهِ، وَعَلى الكَلَامِ الطَّيِّبِ عِوَضاً عَنِ الشَّتمِ والسِّبَابِ والْخَوْضِ فِي الباطلِ والسياسات والهتك لأعراض الناس، لعَلَّ قُلوبَنا تَلينُ بِذِكْرِ اللهِ، وتَمْتَلِئُ حَياتُنا بِالخيرِ والْبَرَكةِ، وَيُطْرَدُ الشَّيطانُ مِنْ أَوْسَاطِنا، فَمَا مِن بَيتٍ يُذْكَرُ فِيهِ اللهُ إِلَّا تَنَكَّبَتْه الشَّياطينُ وَحَلَّتْهُ الْمَلائِكةُ، وَمَا مِنْ بَيْتٍ لا يُذكرُ فِيهِ اللهُ، ولا يُقْرَأُ فِيهِ القرآنُ إِلَّا هَجَرتْهُ الملائكةُ، وَاسْتَوْطَنَتْهُ الشَّيَاطِينُ.
  عِبادَ اللهِ:
  لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلا وُسْعَها فَالذي لَا يَحْفَظُ الأَذْكَارَ، وَيَعْجَزُ عَن إِدْرَاكِهَا فَعَلَى أَقَلِّ الأَحْوالِ يَحرِصُ عَلَى كَثْرةِ التَّسْبِيحِ وَالتَّكبيرِ وَالْحَمدِ والشُّكرِ لِلهِ.
  وَعَليهَ بِالاستغفارِ والصلاةِ عَلَى النّبيِّ وآلهِ، ولَكنْ لَيسَ مَرَّةً وَلا مَرَّتينِ، بلْ يُكْثِرُ مِن ذلكَ بِقدرِ جُهدِه، وَلو إِلى الْأَلفِ، وَكُلُّ ذلك بِحسَابْ، وَكذلك لِنَحرِصَ عَلَى الرَّواتِبِ، الدُّعاءُ بعدَ كلِّ صلاةٍ، وَلو بِقراءةِ آيةِ الكُرسِي، فَفي