سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 65 - الجزء 2

في العشر الأواخر لشهر رمضان

الخطبة الأولى

  

  الحمدُ لِلهِ المُتَفَضِّلِ بِالإحسانِ، الكريمِ المَنَّانِ، المُنْعمِ عَلَى المُحْسِنِينَ بِالعطايا، والْغَافرِ لِلْمُسِيئِين الْخَطَايا، نَحمدُه أَنْ هَدَانَا لِحَمْدِه، واخْتَصَّنَا بِمِنَّتِهِ، وَنشْكُرُه عَلَى فَواضِلِ إِنْعَامِه، وَتَوالِي آلَائِه.

  ونَشْهدُ أَلَّا إِلَه إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَه.

  وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُه وَرَسُولُه، وَخِيرَتُه مِن خلْقِه، أَرْسلَهُ رَحمةً لِلعالَمِين، وحُجَّةً عَلى الظَّالِمينَ؛ لِئَلَّا يَكونَ لِلنَّاسِ عَلى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّاهِرِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كثيراً.

  وَبعدُ ..

  عِبادَ اللهِ:

  هَذا هُو شَهرُ رَمضانَ، شَهْرُ الرّحمةِ والرِّضوانِ، قَد فَاضَ خَيرُه فِي البلادِ، وَعَمَّ فَضْلُه عَلَى الْعِبَادِ، إِنَّه شَهْرُ اللهِ الْمُعَظَّمِ، وَمِيْعَادُه الْمُكرَّمِ، سُوقُ المتَزَوِّدِينَ لِيومِ الْمَعَادِ، وَمَتْجرِ الْمُرَابِحين لِيومٍ يَقِلُّ فِيهِ الزادُ.

  هُنَا التّجارةُ الرَّابِحةُ الّتي لَا تَبورُ، هنا عُدَّةُ المُتَزَوِّدِينَ، وَمتاعُ المُسَافِرِينَ إِلى يومِ الدّين.

  عِبَادَ الله:

  إِنَّ لِكُلِّ تِجارةٍ سُوقاً وَمَوْسِماً، وَلِكُلِّ سِلعةٍ زَبَائِنُها فِي هَذه الحياةِ، وفِي كُلِّ تجارةٍ رِبحٌ أوْ خَسارَةٌ، وَكُلُّ تِجارةٍ وَلَها رَأْسُ مالٍ.

  وَلكنَّ الأمرَ في رمضانَ لَه شَأنٌ آخر، فَتِجَارَتُه عَظِيْمَةٌ رَأْسُ مَالِها النِّيةُ الصَّالحةُ، والقولُ الطيبُ، والفعلُ الحسنُ، وتِجَارتُه رَابِحةٌ لا تَبورُ، وسِلعتُه نَافِقَةٌ لَا تَكْسُدُ، وَلا تُرَدُّ.