الخطبة الأولى
  وَالْمُتَعَلِّمُ يُمْكِنهُ أَنْ يَقْرأَ وَيُعَلِّمَ النَّاسَ، وَيَتَعلَّمَ وَيُرشِدَ الجاهلَ، وَيَعِظَ الْغَافِلَ، وَيَنْصَح، ويَأمُرَ بِالمعروفِ، وَيَنْهَى عَن المُنكرِ.
  وَأَمَّا الْفَقِيْرُ الجاهلُ الّذِي لَا مَالَ لَهُ، فَيَتَصَدَّقَ بِه، وَلا عِلْمَ لَه فَيُنفقَ مِنه، ولا يَعرفُ القِرَاءَةَ فَيَقْرَأَ القرآنَ، فَيُمكِنُه أَنَّه يُتَاجِرُ مَع اللهِ بِقِرَاءَةِ قِصَارِ السُّوَرِ مِن كِتابِ اللهِ، وَبِالاسْتِغْفَارِ وَالتَّسْبِيحِ، وحَمدِ الله والصلاةِ عَلَى رَسُولِ الله وعَلَى آلِه، فَعَلى مَن لَا يُحسنُ القراءَةَ وَلَا يَمْلِكُ الْمَالَ أَنْ يُلازِمَ ذِكرَ اللهِ بِقلبِهِ وَلِسَانِهِ، لِيُؤتيَه اللهُ أَفْضَلَ الثوابِ، واللهُ وَاسِعُ العطاءِ.
  عِبادَ الله:
  لَقدْ بَقِيَ مِن الْخيرِ الْكَثيرُ والكثيرُ، فَرسولُ اللهِ ÷ يَقولُ فِيما يُرْوَى عنه «اتّقوا النَّارَ ولو بِشِقِّ تَمْرةٍ» فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبة.
  وَيقول: «مَنْ فَطَّرَ صَائِماً كان له مثل أجره».
  إِن الأمرَ يَسيرٌ وَأَهْونُ مِمَّا تَتَصَورون، إِنَّ لِكلِّ سِلْعةٍ ثَمناً، وَوَراءَ كُلِّ سَعْيٍ رِبْحا فِي هَذا الشّهرِ، وَبِوسعِ الجميعِ أنْ يَجْلِبُوا أَعظَمَ التجارةِ، وَأَوفَرِ الأجرِ والثوابِ بِأقلِّ الجُهد.
  فَفِيما يُروى عنه ÷ أنه قال: «تَبَسُّمُكَ في وجِهِ أخيكَ صَدَقَةٌ، والكلمةُ الطيبةُ صدقةٌ، وإفراغُكَ مِن إنائِكَ في إناءِ أخيكَ لك صدقةٌ»، بَلْ الكلمةُ الطَّيبةُ أفضلُ عندَ اللهِ مِنْ صدقاتِ المُتكَبِّرينَ الذين يُنْفِقُونَها رِيَاءً وَسُمْعَةً وَيُتْبِعُونَها بِالْمَنِّ وَالْأَذَى.
  عَبدَ الله:
  قال تعالى: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذىً}.
  إِنَّكَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ تُتاجرَ مع اللهِ، وَتُسابِقَ فِي طَاعةِ اللهِ بكلِّ جَارِحَةٍ فِيك، بل بِكُلِّ حَركةٍ وَسَكْنَةٍ، الْمُهِمُّ هُو وُجودُ النّيةِ الصّادِقَةِ، والرّغْبَةِ فِي كَسبِ الثوابِ، فَمَنْ قَصَدَ وَجهَ اللهِ فَلَن يَعْدَمَ خَيراً، وَطُرُقُ الخيرِ كثيرةٌ، مِنها: زيارةُ الأرحامِ،