الخطبة الأولى
  وَعِيادَةُ الْمَرْضَى، وَالتَّفْرِيجُ عن المَهْمُومِ، وَإِدخَالُ السّرورِ عليه، وَإِفْشاءُ السّلامِ، وَتَنْظِيفُ المسَاجِدِ وَتَطْيِيبُها، وغيرُ ذلك من الأعمالِ.
  عِبادَ الله: -
  إِنَّ الأَبْكمَ الأَعْمَى يُمْكِنُه أَنْ يُتاجرَ بِسَمْعِه وَأُذُنَيْهِ.
  يُمكِنُه أَنْ يَسْتَمعَ القرآنَ يُمكنُه أَنْ يُصْغِيَ لِلنُّصْحِ وَالوعْظِ، فَيكونُ أَجرُه كالقارِئِ، واللهُ ذو الفضلِ العظيم.
  حَتَّى بِالنَّظرِ يُمْكِنُ لِلمَرْءِ أَنْ يُتاجِرَ مَعَ اللهِ، ويَكْسبَ الثَّوابَ
  فَقَدْ رُوي عنه ÷ أنه قال: «النظرُ في المصحفِ عبادةٌ» فَإِذَا كَانَ مجردُ النّظَرِ عبادةً، فَمَا بَالُكَ بِالقِراءَةِ وَالتَّأَمُّلِ وَالتَّدبُّرِ.
  عِبادَ اللهِ:
  كُلُّ حَرَكَةٍ وَسَكْنَةٍ في شَهْرِ رَمَضَانَ لا تَخْلُو مِن الْأَجْرِ وَالثَّوابِ مَا دَامَتِْ النّيةُ الصّادقةُ مَعها، فإِذا ثَبَتْ بِأنَّ فِي السَّمعِ والنّظرِ ثوابٌ، فَمَا بَالُك بِالِّلسانِ الّذِي عليه مَدارُ القراءةِ والذّكرِ والتّسبيحِ والتَّهليلِ وَالتَّكْبِيرِ، وَالّذِي هو مِنْ أَهَمِّ وَسَائلِ العبادةِ، وَمِنهُ تَكونُ أَعظمُ تِجارةٍ، وَأَوفرُ حظٍّ لِمنْ أَحْسَنَ اسْتِخْدَامَه، وَسَخَّرَهُ فِي خِدمةِ اللهِ وطاعتِهِ، فَما أَيْسَرَها مِنْ أُمورٍ، وَمَا أَعْظَمَها مِنْ أُجُورٍ، لِمنِ اغْتَنَمَ الْفُرصَةَ وَأَحكمَ التَّدْبِيرَ.
  أَمَّا مَنْ سَخّرَ سَمْعَه لِلْغِنَاءِ، وَمَدَّ بَصَرَه إِلى النِّسَاءِ، ومُرَاقَبَةِ الحلقاتِ والأفلامِ والمسلسلاتِ، وَأَعْمَلَ لِسانَه بِالغيبَةِ وَالنّميمَةِ، وَهْتكِ أَعرَاضِ المُؤْمِنِينَ، فَليسَ لِلهِ مِن حَاجَةٍ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَه.
  عِبادَ الله:
  مَا زالَ في الوقتِ بَقيةٌ، وَمَا زَالتِ السوقُ قَائِمةً، والسِّلْعةُ مَعروضَةً فِي سُوقِ الْمَزَادِ، والثَّمَنُ الجنةُ، فَهَل مِن مُنافِسٍ؟ هلْ مِن مُسابقٍ؟ هَلْ مِن مُسارِعٍ فِي الخيراتِ، وَنيلِ أَعْلَى الدّرَجَات؟ {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ}