الخطبة الأولى
  صدرك، فَإنَّ اللهَ قَدْ وَعدَ عليه بِالثَّوابِ فِي هَذا الشَّهرِ خاصةً، وهذا مِن تمامِ نِعمةِ اللهِ على خَلقهِ، في هذا الشهرِ المُباركِ، مع أَنّ كُلَّ إِنْسَانٍ يَتَنَفَّسُ بِغَيْرِ إِرَادَةٍ، ولَوْلَاهُ لَمَاتَ وَهَلَكَ.
  نَعمْ، فقد رُوِيَ عَنِ النبيِّ ÷ أنه قال: «نَفَسُ الصائم تسبيح».
  سُبحانَ اللهِ حَتَّى النَّفَسُ تسبيحٌ! حَتى النَّفَسُ، ذَلك الهواءُ الذي تَتَنَفَّسُهُ تَقْدِرُ أَنْ تُتَاجِرَ فِيه، وَتَربحَ في هذا الشهرِ.
  بَلْ حَتَّى النومُ، الذي يُعدُّ غَفْلَةً فِي سَائِر الْأَوْقَاتِ، فَلَهُ فِي شَهرِ رَمضانَ مِيْزةٌ وَسِمَةٌ خَاصةٌ، فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النبي ÷ أَنَّه قال: «نومُ الصائمِ عبادةٌ، ونَفَسُه تسبيحٌ».
  نَعَمْ، لَقدْ أَصْبَحَ النومُ عِبادةً فِي هذه الأيامِ، مَا دَامَ يَقْصُدُ بِه صَاحبُه العونَ عَلَى قِيامِ اللَّيْلِ، أَوْ أَنْ يَكُفَّ نَفْسَه عَن أَذِيَّةِ الآخَرِين، فَهو بِهذا الْقَصْدِ وَنَحوِهِ عِبَادَةٌ، وَلَكنْ بِشَرطِ أَلَّا يُخِلَّ بِواجِبٍ، أو يُنَقِّصَ مِن مَسْنُونٍ، كَأنْ تَفُوتُه الجماعاتُ.
  عِبادَ الله:
  هلْ بعدَ هذا مِن فَضْلٍ، هَل بَعدَ هذا مِن حُجَّةٍ أَوْ عُذْرٍ لِمَنْ أَتَى رَبَّه مُقَصِّراً مُفْلِساً صِفْرَ الْيَدَيْنِ لَا يَمْلِكُ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئاً {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ١٢٤ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً ١٢٥ قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى}
  بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القرآنِ العظيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِياكُم بِما فِيهِ مِن الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ، إِنه تَعالى جوادٌ مَلِكٌ بَرٌّ رَؤوفٌ رحيم.
  فاسْتَغْفِرُوه إِنه هو الغفورُ الرحيم.