الخطبة الثانية
  عِبادَ الله:
  اللهَ اللهَ في الصلاةِ أُوْصِيكُم وَنَفْسِيَ بِالصَّلاةَ، فَإنَّ الصّلاةَ عِمَادُ دِينِكُمْ وَرَأْسُ يَقِينِكُم، فَمَنْ ضَيَّعَهَا ضَيَّعَهُ اللهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللهُ، وَأَوَّلُ مَا يُسْأَلُ ابْنُ آدَمَ عَنْ الصّلاةِ، إِنْ جَاءَ بِها تَامّةً وإِلَّا زُجَّ بِهِ في النَّارِ.
  نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ الْمَقْبُولِينَ فِي هَذَا الْيَومِ، وَمَنْ أَهْلِ الْجَوَائِزِ الْفَائِزِينَ بِرضْوَانِ اللهِ، فَفِيْمَا يُرْوَى عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه أَنَّهُ قَالَ: «إذا كانَ ليلةُ القدرِ نَزَلَ جبريلُ في كوكبةٍ من الملائكةِ $ يُصَلُّونَ على كُلِّ قائمٍ أَو قاعدٍ يذكرُ اللهَ تعالى، فإذا كان يومُ عيدِهِمْ باهى اللهُ بهمُ الملائكةَ، فقالَ: يا ملائكتِي، ما جزاءُ أجيرٍ وفَّى عملَهُ؟ قالوا: ربَّنَا جزاؤُهُ أنْ يُوفَّى أَجْرَهُ، قال: يا ملائكتِي، عِباديْ وإِمائي قَضَوْا فَريضَتَهمْ عليهِم، ثُمَّ خَرَجوا يَعُجُّونَ بِالدعاءِ وعُلُوِّ عِزَّتيْ وَجَلالي لَأَجَيبَنَّهُم، فيقولَ: ارجعوا فَقدْ غفرتُ لَكُمْ وبَدَّلتُ سيئاتِكُم حسناتٍ، فَرجَعُوا مغفوراً لهم».
  فَيَالهُ مِنْ فَوزٍ مَا أَعْظَمَهُ، وَرَبٍّ رَحِيمٍ مَا أَكْرَمَهُ.
  عِبادَ الله:
  يَقُوُلُ الْمُصْطَفَى ~ وَعَلَى آَلِه: «صيامُ الرَّجُلِ مُعَلَّقٌ بين السماءِ والأرضِ حتى يُعطِي صدقةَ الفطرِ». نَعَمْ يَا عِبَادَ اللهِ، الْفِطْرَةُ زَكَاةُ النَّفْسِ، فَكَمَا أَنَّ اللهَ قَدْ أَوْجَبَ عَلَيْنَا الزَّكَاةَ فِي الْأَمْوَالِ، فَقَدْ أَوْجَبَ عَلَيْنَا كَذَلِكَ تَزْكِيَةَ الْأَبْدَانِ، قَالَ تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} فَمَنْ قَصَّرَ فِي الْفِطْرَةِ فَقَدْ قَصَّرَ فِي تَطْهِيرِ نَفْسِهِ وَعَمَلِهِ، يَقُولُ الرَّسُولُ: ÷ في حديث: «الفطرةُ لازمةٌ واجبةٌ على كُلِّ مُسْلمٍ وفِي ذِمَّتِهِ عَنْهُ وَعَنْ مَنْ تَلْزَمُهُ نفقتُهُ من أَهلِهِ وأَولادِهِ كِبَاراً وَصِغَاراً، وهيَ صاعٌ مِنْ حبٍّ أَو تَمْرٍ أَو زَبيبٍ أَو مِنْ أَيِّ قوتٍ»، وَالْبَعْضُ مِنَ الْعُلَمَاءِ يُوجِبُ أَنْ يَكونَ مِن حَبٍّ أَوْ نَحْوِهِ، وَلَا يُجِيزُ إِخْرَاجَ النُّقُودِ وَالْقِيْمَةِ بَدَلاً عَنْهَا إِلَّا أَنْ لّا يَجِدَ ذلك في ملكه فَلَا بَأْسَ.